@ كل فريق منهم بقول فقهائهم ولا يتعدونه على ما تقدمت تجربته في حق أصحاب هذه الفتيا خصوصا وفي حق غيرهم من العامة عموما فيتنازعون ويتجادلون مع عامتهم وجهالهم فيزداد الضال منهم ضلالا ويشارف المهتدي منهم بخوضه بلا ألة زيغا وغواية ويتفاقم ما سيل إطغاؤه من ثائرة الفتن التي أثار ما بينهم التنازع ولا يبرح من ساحتهم ما شكوه من التباغض والتقاطع وأما شنع به هذا الرجل على شيخنا من أنه في جوابه في طعن على من خاض من العلماء في ذلك ومن صنف فيه فهذا التشنيع يلحق للإمام الغزالي لا له فإنه سوى في كتابه إلجام العوام وفي غيره بين طوائف العوام وطوائف العلماء في المنع من الخوض ولم يكون ذلك إلا لكبار الصالحين والأولياء العارفين بالله تعالى وأما جواب شيخنا فهو مخصوص بالعوام وأصحاب الواقعة وهم أقوام فلاحون وقد بين هذا الخصوص بقوله أولا لقد حرم هؤلاء ثم بقوله ثانيا يمنع هؤلاء القوم وأشباههم عن الحيد عن هذا السبيل وحسبنا الله ونعم الوكيل وهو أعلم .
فصل ومن عجائب هذا الرجل أنه بعث إلى شيخنا فتوتين له زعم أنه أخطأ فيهما وقد حكى في الورقة صورة الإستفتاء والفتوى ثم أملى تحت ذلك الأخذ عليه فوجده شيخنا من الفضائح ومما لا ينبغي أن يجاب عنه بغير السكوت والإعراض لكن تجاوز وأملى جوابا بليغا موجزا آرسله إليه وإن أورده ها هنا بمعناه ومقاصده بعبارة واضحة لا يتمشى له معها ما تعاطاه في ذلك مما سأحكيه بعد الجواب إن شاء الله تعالى الكريم وهذه حكاية صورة ذلك في رقعة استفتاء ما يقول السادة الفقهاء في رجل تزوج بإمرأة بكر عاقلة بالغة وله معه دون السنة ولم يطأها وإن أهلها طلبوا أن يطلقوها منه لذلك والرجل لم يشته أن يطلقها فهل يصح لأهلها أن يطلقوها منه بغير اختياره بناء على كرنه عنينا أم لا .
الجواب إنه ليس ذلك لأهلها استقلالا وإنما ذلك إليها إذا ثبت كونه عنينا بإقراره أو يمينها بعد نكوله وألفين أن يكون في عضوه مرض دائم قد أسقط قوته وانتشاره ثم لا يثبت لها الفسخ بعد ثبوت التعنين حتى يضرب له الحاكم أجل سنة فإذا مضت السنة ولم يطأها فلها الفسخ بحكم الحاكم والله أعلم