@ أئمة المتقين من الصحابة والتابعين لهم باحسان من السالفين والخالفين رضي الله عنهم أجمعين وسبيل من أراد سلوك سبيلهم في هذه الأمور وفي سائر الآيات المشتبهات والأخبار المشتبهة أن يقول هذه لها معنى يليق بجلال الله وكماله وتقديسه المطلق الله العالم به وليس البحث عنه من شأني ثم يلازم السكوت في ذلك ولا يسأل عن معنى ذلك ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة وإنه إذا شرع فيه فقد خاطر بدينه ولعله يكفر فيه أو يشارف الكفر فيه وهو لا يدري ويحفظ أيضا قلبه عن الكفر فيه والبحث عنه ويدفع خواطر ذلك بما يدفع به الوسواس من الاستعاذة وغيرها ثم لا يتصرف في ألفاظ تلك الآيات والأخبار ولا يزيد فيها ولا ينقض ولا يفرق منها مجتمعا ولا يجمع منها متفرقا بل ينطق بها كما جاءت واكلا علمها إلى من أحاط بها وبكل شيء علما هذا سبيل السلامة ومنهج الإستقامة وعلى ولي الأمر وفقه الله تعالى أن يمنع هؤلاء القوم وأشباههم عن الحيد عن هذا السبيل ويعزر كل متكلم منهم في شيء من هذا القبيل من أي فريق كان وعلى أي مذهب كان تعزيزا رادعا وتأديبا بالغا متأسيا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما عامل به صبيغ بن عسل الذي كان يسأل عن المتشابهات ضربه على ذلك ونفاه ونفعه الله بذلك ونسأل الله سبحانه وتعالى العصمة والتوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل فهذا جواب في نفسه برهانه ولما وقف عليه ذلك الرجل ثار فبدع وشنع وافترى وأفحش وزعم أنه لا بد من الخوض والتفصيل ونسب شيخنا إلى الحشو وسبحان الله كيف يكون حشوا وهو سبيل سلف الأمة وسادتها ومذهب الأئمة أرباب المذاهب فقهاء الملة لا سيما الشافعي وشيخي أصحابه المزني وابن شريح فأخبارهم وكتبهم ناطقة بمبالغتهم في ذلك وتسديد الإمام الشافعي على من حاد عن هذا معروف مشهور وما للبيهقي فيه من تأويل وتخصيص فهو غلفة منه وذهول وفي كلام الشافعي في مواضع عدة ما يوضح بطلان تأويله ولم يزل على ذلك اختيار كبار فقهاء المسلمين وجميع صالحيهم والمتكلمون من أصحابنا لا يقدحون في هذه الطريقة وإن كان الخوض شغلهم وفيهم فهم يرون جواز الخوض من غير قدح في هذا بل يرونه أولى لمن سلم له وأسلم للعامة ولأكثر الناس وهذا الإمام الغزالي