@ 300 @ المحدثين وعلى كل تقدير فلابد من تقييد ما أطلقه بأن يكون ادعاؤه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقبل ذلك منه كجماعة ادعوا الصحبة بعد ذلك كأبى الدنيا الأشج ومكلبة بن ملكان ورتن الهندى فقد أجمع أهل الحديث على تكذيبهم وذلك لما ثبت فى الصحيحين من حديث ابن عمر قال ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء فى آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد ) الحديث وكان إخباره صلى الله عليه وسلم بذلك قبل موته بشهر كما ثبت فى صحيح مسلم من حديث جابر قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر تسألوننى عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتى عليها مائة سنة وفى رواية له ما من نفس منفوسة اليوم يأتى عليها مائة سنة وهى حية يومئذ وهذه الرواية المقيدة باليوم يحمل عليها قوله صلى الله عليه وسلم فى بعض طرق حديث جابر عند مسلم ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة .
فقد رأيت بعض أهل العلم استدل بهذه الرواية على أن أحدا لا يعيش مائة سنة ونازعته فى ذلك فأصر عليه مع أن فى بقية الحديث عنده فقال سالم يعنى ابن أبى الجعد وهو الراوى له عن جابر يذاكرنا ذلك عنده إنما هى كل نفس مخلوقة يومئذ وعند مسلم أيضا من حديث أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يأتى مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم ) .
والصواب أن ذلك محمول على التقييد بالظرف فقد جاوز جماعة من العلماء الماية وحدثوا بعد الماية وهم معروفو المولد كالقاضى أبى الطيب طاهر بن عبد الله الطبرى أحد أئمة الشافعية والحافظ أبى طاهر أحمد بن محمد السلفى وغيرهما وقد ورد فى بعض طرق هذا الحديث أن المراد بالمائة من الهجرة لا من وفاته صلى الله عليه وسلم رواه أبو يعلى الموصلى فى مسنده من رواية قيس بن وهب الهمدانى عن أنس قال حدثنا أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال ( لا يأتى مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف ) .
وهذا يرد قول من ادعى أنه تأخر بعد أبى الطفيل أحد من الصحابة كما سيأتى ذلك فى آخر من مات من الصحابة إن شاء الله تعالى