@ 298 @ .
الأمر الثانى أنه اعترض على المصنف بأن فى الأوسط للطبرانى أن جريرا أسلم فى أول البعثة وكأن المعترض أوقعه فى ذلك ما رواه الطبرانى من رواية قيس بن أبى حازم عن جرير قال لما بعث النبى صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه فقال لأى شئ جئت يا جرير قلت جئت لأسلم على يديك قال فدعانى إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتى الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فألقى إلى كساء ثم أقبل على أصحابه فقال إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه وهو فى الكبير أيضا والجواب عنه أن هذا الحديث غير صحيح فإنه من رواية الحصين بن عمر الأحمسى وهو منكر الحديث كما قاله البخارى وضعفه أيضا أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم ولو كان صحيحا لما كان فيه تقدم إسلامه لأنه لا تلزم الفورية فى جواب لما والصواب أن جريرا متأخر الإسلام فقد ثبت فى الصحيحين عن إبراهيم النخعى أن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة وللبخارى عن إبراهيم أن جريرا كان من آخر من أسلم .
وعند أبى داود أيضا من حديث جرير أنه قال ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة وإنما يريد بذلك أنه بعد نزول قوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم > ! الآية وإلا فقد نزل بعض المائدة بعد إسلام جرير كما سيأتى ولكن لا يلزم من هذا أنه لم يقم معه سنة فإن نزول الآية كان فى غزوة المريسيع على المشهور وكانت فى سنة ست والمعروف أن إسلامه بدون سنة من وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فقد ذكر البخارى فى التاريخ الكبير عن إبراهيم عن جرير وكان أتى النبى صلى الله عليه وسلم فى العام الذى توفى فيه وكذا قال الواقدى كان إسلامه فى السنة التى توفى فيها النبى صلى الله عليه وسلم ومن أطلق ذلك لا يريدون بذلك أنه أسلم فى سنة إحدى عشرة إنما يريدون بذلك سنة ملفقة وصرح بذلك الخطيب فقال أسلم فى السنة التى توفى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى سنة عشر من الهجرة فى شهر رمضان منها .
وكذا قال ابن حبان فى الصحابة إن إسلامه كان فى سنة عشر من الهجرة فى شهر رمضان وأما ما جزم به ابن عبد البر فى الاستيعاب أن جريرا قال أسلمت قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما فهذا لا يصح عن جرير ويرده ما ثبت فى الصحيحين من حديث جرير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له فى حجة الوداع ( استنصت الناس )