@ 37 @ $ مقدمة في مطالع مهمة $ .
المطلع الأول : .
قال الزركشي في قواعده : ( ( إن تصنيف العلم فرض كفاية على من منحة الله فهماً واطلاعاً فلو ترك التصنيف لضيع العلم على الناس ، وقد قال تعالى : ( ^ وإذا أخذ الله ميثاق النبيين ) الآية ، ولن تزال هذه الأمة في ازدياد وترق في المواهب والعلم ) ) . انتهى . .
وقال نابغة البلغاء ابن المقفع في مقدمة الدرة اليتيمة : ( ( وجدنا الناس قبلنا لم يرضوا بما فازوا به من الفضل لأنفسهم حتى أشركونا معهم فيما أدركوا من علم الأولى والآخرة ، فكتبوا به الكتب الباقية ، وكفونا مؤونة التجارب والفطن ، وبلغ من اهتمامهم بذلك : أن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم ، والكلمة من الصواب ، وهو بالبلد غيرالمأهول ، فيكتبه على الصخور مبادرة منه للأجل ، وكراهية لأن يسقط ذلك على من بعده ، فكان صنيعهم في ذلك صنيع الوالد الشفيق ، على ولده الرحيم بهم ، الذي يجمع لهم الأموال والعقد إرادة أن لا تكون عليهم مؤونة في الطلب ، وخشية عجزهم إن هم طلبوا . فمنتهى علم عالمنا في هذا الزمان أن يأخذ من علمهم ، وغاية إحسان محسننا أن يقتدى بسيرتهم ، وأحسن ما يصيب من الحديث محدثنا ، أن ينظر في كتبهم ، فيكون كأنه إياهم يحاور ، ومنهم يستمع ، غير أن الذي نجد في كتبهم هو المنتخل في آرائهم ، والمنتقى من أحاديثم ، ولم تجدهم غادروا شيئاً يجد واصف بليغ في صفة له مقالاً لم يسبقوه إليه ، لا في تعظيم لله عز وجلن وترغيب فيما عنده ، ولا في تصغير للدنيا وتزهيد فيها ، ولا في تحرير صنوف العلم ، وتقسيم أقسامه وتجزئة أجزاءها وتوضيح سبلها ،