محمد الفارقي والعماد الكاتب وغيرهما وقد اسمع وهو في بعض مصافه جزءا وهو بين الصفوف لا بين الصفين ويتبجح بذلك وقال هذا موقف لم يسمع فيه احد حديثا وكان ذلك بإشارة العماد الكاتب وكان كريما جوادا شجاعا بطلا كامل القوى والعقل شديد الهيبة ضحوك الوجه كثير البشر لا يتضجر من خير يفعله افتتح بسيفه وبما قال به من اليمن الى الموصل الى اوائل المغرب الى اسوان قال الموفق عبد اللطيف اتيت الشام وكان السلطان صلاح الدين بالقدس فأتيته فرأيت ملكا عظيما علا العيون روعة والقلوب محبة قريبا بعيدا مجيبا واصحابه يتشبهون ويتسابقون الى المعروف واول ليلة حضرته وجدت مجلسا محفوفا بأهل العلم يتذاكرون في اصناف العلوم وهو يحسن الاسماع والمشاركة ويأخذ في كيفيه بناء الاسوار وحفر الخنادق ويفقه في ذلك ويأتي بكل معنى بديع وكان مهتما في بناء سور بيت المقدس وحفر خندقه يتولى ذلك بنفسه ينقل الحجارة على عاتقه ويتأسى به جميع الناس الاغنياء والفقراء والاقوياء والضعفاء حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل ويركب لذلك قبل طلوع الشمس الى وقت الظهر فيأتي داره فيمد السماط ثم انه يستريح ويركب وقت العصر ويرجع في ضوء المشاعل ويصرف اكثر الليل فيما يعمل نهارا وكان يحفظ الحماسة ويظن ان كل فقيه يحفظها فكان ينشد القطعة فاذا توقف في موضع استطعم فلا يطعم وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل ولم يكن يحفظها فخرج من عنده فلم يزل حتى حفظها ولما كان شحنة دمشق كان يشرب الخمر فمذ باشر الملك طلق الخمر واللذات وكان محببا خفيفا على قلب نور الدين يلاعبه بالكرة وملك مصر وكانت وقعته مع السودان سنة بضع وستين وكانوا نحو مائتي الف فانتصر عليهم وقتل اكثرهم وهرب الباقون وابتنى سور القاهرة وقطع حطبة العاضد بمصر وخطب للمستضيء ومات العاضد واستولى صلاح الدين على القصر وذخائره وفي سنة تسع وستين مات نور الدين وافتتح اخوه شمس الدولة اليمن وقتل المتغلب عليها عبد النبي وفي سنة سبعين سار من مصر وتملك دمشق ودخلها يوم الاثنين سلخ شهر