.
بالجمال في صغره وفي كبره وله غور ذكاء ودهاء ومكر وأعظم دليل على دهائه مفاوضته لعمه العادل وكان لا يخليه يوما من شغل قلب وخوف وكان يصادق ملوك الأطراف ويباطنهم ويلاطفهم ويوهمهم أنه لولاه لكان العادل يقصدهم ويوهم عمه أنه لولاه لم يطعه أحد من الملوك ولكاشفوه بالشقاق فكان بهذا التدبير يستولي على الجهتين ويستعبد الفريقين ويشغل بعضهم ببعض وكان كريما معطيا يغمر الملوك بالتحف والشعراء والقصاد بالصلات وتزوج بنت العادل وماتت معه ثم تزوج بأختها فكان له عرس مشهور وجاءت منه بالملك العزيز في أول سنة عشرة وأظهر السرور بولادته وبقيت حلب مزينة شهرين والناس في الأكل والشرب ولم يبق صنف من أصناف الناس إلا أفاض عليهم النعم ووصلهم بالإحسان وسير إلى المدارس والخوانق الغنم والذهب وأمرهم أن يعملوا الولائم ثم فعل ذلك مع الأجناد والغلمان والخدم وكان عنده من أولاد أبيه وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفسا وزوج الذكور منهم بالإناث وعقد في يوم واحد خمسة وعشرين عقدا بينهم ثم صار كل ليلة يعمل عرسا ويحتفل به وقال أبو المظفر ابن الجوزي كان مهيبا له سياسة وفطنة ودولة معمورة بالفضلاء والعلماء مزينة بالملوك والأمراء وكان محسنا إلى رعيته وإلى الوافدين عليه حضر معظم غزوات أبيه وانضم إليه أخوته وأقاربه وكان يزور الصالحين ويتفقدهم وكان يتوقد ذكاء وفطنة قال الحافظ أبو عبدالله ذكرت في الحوادث أن الظاهر قدم دمشق وحاصرها غير مرة مع أخيه الأفضل وحاصر منبج وأخذهما وحاصر حماة وكان ذا شجاعة واقدام وكان سفاكا لدماء الخلق في أول أمره ثم قصر عن ذلك وأحسن إلى الرعية وكان ذكيا حسن النادرة قال له الحلي الشاعر مرة في المنادمة وهو يعبث به وزاد عليه فقال انظم يهدد بالهجو فقال السلطان أنثر وأشار إلى السيف توفي في جمادى الآخرة عن خمس وأربعين سنة بدمشق ودفن بالقلعة ثم نقل