@ 293 @ .
سمعت أبا القاسم البصري يقول قيل لأبي علي بن الكاتب إلى أي الجنبتين أنت أميل إلى الفقر أو إلى الغنى فقال إلى أعلاهما رتبة وأسناهما قدرا ثم أنشأ يقول .
( ولست بنظار إلى جانب الغنى % إذا كانت العلياء في جانب الفقر ) .
( وإني لصبار على ما ينوبني % وحسبك أن الله أثنى على الصبر ) .
وبهذا الإسناد قال أبو علي إن الله تعالى يرزق العبد حلاوة ذكره فإن فرح به وشكره آنسه بقربه وإن قصر في الشكر أجرى الذكر على لسانه وسلبه حلاوته .
وبهذا الإسناد قال أبو علي بن الكاتب روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وإن كتموها وتظهر عليهم دلائلها وإن أخفوها وتدل عليهم وإن ستروها وأنشد على أثره .
( إذا ما أسرت أنفس الناس ذكرها % تبينه فيهم ولم يتكلموا ) .
( تطيب به أنفاسهم فيذيعها % وهل سر مسك أودع الريح يكتم ) .
وبهذا الإسناد قال أبو علي بن الكاتب الهمة مقدمة الأشياء فمن صحح همته بالصدق أتت عليه توابعه على الصحة والصدق فإن الفروع تتبع الاصول ومن أهمل همته أتت عليه توابعه مهملة والمهمل من الأحوال والأفعال لا يصلح لبساط الحق