.
860 عابد آخر .
يوسف بن الحسين قال قال ذو النون وصف لي رجل بالمغرب وذكر لي من حكمته و كلامه ما حملني على لقائه فرحلت إليه إلى المغرب فأقمت على بابه أربعين صباحا على أن يخرج من منزله إلى المسجد ويقعد فكان يخرج وقت كل صلاة يصلي و يرجع كالواله لا يكلم أحدا فقلت له يوما يا هذا إني مقيم ها هنا منذ أربعين صباحا لا أراك تكلمني فقال لي يا هذا لساني سبع إن أطلقته أكلني فقلت له عظني رحمك الله بموعظة أحفظها عنك قال وتفعل قلت نعم إن شاء الله قال لا تحب الدنيا و عد الفقر غنى و البلاء من الله نعمة والمنع من الله عطاء والوحدة مع الله أنسا والذل عزا والطاعة حرفة و التوكل معاشا والله تعالى لكل شديدة عدة .
ثم مكث بعد ذلك شهرا لا يكلمني فقلت له رحمك الله إني أريد الرجوع إلى بلدي فإن رأيت أن تزيدني في الموعظة فقال اعلم أن الزاهد في الدنيا قوته ما وجد ومسكنه حيث أدرك ولباسه ما ستر الخلوة مجلسه و القرآن حديثه والله الجبار العزيز أنيسه والذكر رفيقه والصمت جنته والخوف سجيته والشوق مطيته والنصيحة نهمته والصبر وساده والصديقون إخوانه والحكمة كلامه والعقل دليله والجوع أدمه والبكاء دأبه والله عزوجل عدته قلت بما تتبين الزيادة من النقصان قال عند المحاسبة للنفوس