تردد إلى أن زعق الفقير زعقة خر مغشيا عليه فحركناه فإذا هو ميت فقلنا مات الفقير .
فلما سمع صاحب القصر بموته نزل فأدخله القصر فاغتممنا وقلنا هذا يكفنه من غير وجهه فصعد الجندي وكسر كل ما كان بين يديه فقلنا ما بعد هذا إلا خير ومضينا إلى الأبلة وبتنا وعرفنا الناس .
فلما أصبحنا رجعنا إلى القصر وإذا الناس مقبلون من كل وجه إلى الجنازة كأنما نودي في البصرة حتى خرج القضاة والعدول وغيرهم وإذا الجندي يمشي خلف الجنازة حافيا حاسرا حتى دفن .
فلما هم الناس بالانصراف قال الجندي للقاضي والشهود اشهدوا أن كل جارية لي حرة لوجه الله تعالى وكل ضياعي وعقاري حبس في سبيل الله وفي صندوق لي أربعة آلاف دينار وهي في سبيل الله .
ثم نزع الثوب الذي كان عليه فرمى به وبقي بسراويله فقال القاضي عندي مئزران من وجههما تقبلهما فقال شأنك فحملهما إليه فاتزر بواحد واتشح بالآخر وهام على وجهه فكان بكاء الناس عليه أكثر من بكائهم على الميت $ ذكر المصطفيات من عابدات الأبلة شعوانة $ .
معاذ بن الفضل أبو عون قال بكت شعوانة حتى خفنا عليها العمى فقلنا لها في ذلك فقالت أعمى والله في الدنيا من البكاء احب إلي من أن أعمى في الآخرة من النار .
مالك بن ضيغم قال كان رجل من أهل الأبلة يأتي أبي كثيرا فيذكر له شعوانة وكثرة بكائها فقال له أبي يوما صف لي بكاءها