من سرور غناهم أشد مما داخلني من سرور صيانتي بالمائة دينار .
فلما أردت الخروج قال لي يا فتى إنك لمبارك وما رأيت هذا المال قط ولا أملته وإني لأنصحك أنه حلال فاحتفظ به وأعلم أني كنت أقوم فأصلي الغداة في هذا القميص الخلق ثم أنزعه فيصلين فيه واحدة واحدة ثم اكتسب إلى ما بين الظهر والعصر ثم أعود في آخر النهار بما فتح الله عز وجل لي من أقط وتمر وكسيرات ومن بقول نبذت ثم أنزعه فيتداولنه فيصلين فيه المغرب وعشاء الآخرة فنفعهن الله بما أخذن ونفعني وإياك بما أخذنا ورحم صاحب المال في قبره وأضعف ثواب الحامل للمال وشكر له .
قال إبن جرير فودعته وكتبت بها العلم سنتين أتقوت بها وأشتري منها الورق وأسافر وأعطي الأجرة فلما كان بعد سنة ست وخمسين سألت عن الشيخ بمكة فقيل إنه مات بعد ذلك بشهور ووجدت بناته ملوكا تحت ملوك وماتت الأختان وأمهن وكنت أنزل على أزواجهن وأولادهن فأحدثهم بذلك فيأنسون بي ويكرموني ولقد حدثني محمد بن حيان البجلي في سنة تسعين ومائتين أنه ما بقي منهم أحد فبارك الله لهم فيما صاروا إليه