@ 218 @ على عبد الرحيم وتكاثروا عليه ولحقه التعب وكاد يشرف على العطب فحين رأى الإمام اشتغال العسكر بعبد الرحيم نهض على حصن شهاره وسكن الإمام في شهاره والعساكر محدقون بعبد الرحيم فوصلت الأخبار أن السلطان أنعم ببلاد اليمن على الوزير جعفر باشا حاكم بلاد الحبشة المقدم ذكره فخرج الوزير سنان من صنعا متوجهاً إلى الأبواب العلية في رجب سنة ست عشرة بعد الألف فلما وصل إلى بندر المخا انتقل إلى رحمة الله تعالى ودفن إلى جانب قبر القطب الشيخ علي بن عمر الشاذلي القرشي نفع الله تعالى به وذلك في اليوم الخامس من شعبان من السنة المذكورة وكان يحب العلماء والفقراء والصلحاء وكان محسناً جواداً وكان مع ذلك سفاكاً ومضت أيامه بالفتن وآثار خيراته أكثر من أن تذكر ومن العجب أن حسن باشا مات في رجب وسنان باشا في شعبان وكانا تمكنا من اليمن نحو ثمانية وعشرين سنة وكانت أيامهما زهرة الأيام في اليمن ولما بلغ جعفر باشا وفاته أرسل لضبط خزائنه عمر كتخداء فوصل إلى المخا واستولى عليها .
سنان باشا المعروف بكوجك سنان نائب الشام هو في الأصل من مماليك محمود باشا المقتول في مصر سنة خمس وسبعين وتسعمائة وتاريخ قتله ظلمه وكان من جملة خدمته أيضاً مراد باشا الذي صار آخراً وزير أعظم في دولة السلطان محمد وكان هو وسنان باشا في وقت خدمتهما لمحمود باشا يتحابان وبينهما مودة أكيدة وافترقا فأقام سنان باشا في مصر وذهب مراد باشا إلى الروم وسما به حظه حتى ولي الوزارة العظمى فأرسل إلى سنان باشا في مصر وطلبه فورد إليه في حلب وهو مخيم هناك وكان معيناً لقتال الخوارج فجعله بمجرد قدومه أمير الأمراء في بلاد قرمان وذكر الحسن البوريني في ترجمته أنه لما سافر يعني البوريني من دمشق إلى حلب ورد إلى الوزير في مخيمه خارج حلب فرأى سنان باشا ملازماً له في غالب أوقاته قال ولما اجتمعت به تذاكرت معه السفر إلى جانب الأعداء فقلت له ما نيتكم بعد كسر البغاة فقال نيتي أن أسير إلى مصر لأن وطني بها وشرع يذكر ما له بمصر من العلائق والأموال والعقارات والدواب والخيول ويقول أنا لي بمصر ملاذ ونعيم لا يكون إلا للسلاطين فقلت له إنما تسير من هنا إلى دمشق حاكماً بها فأخذ يبعد ذلك ويقول ما خطر لي هذا ولا ترقبت إليه همتي وأنا لا أحلف له أنه لا بدّ أن يردّ إلى دمشق حاكماً بها فعند ذلك سكت ومدّ يده إليّ وقال عاهدني على الأخوة الكاملة