@ 377 @ الى نعما طائلة ومدحته ثم عزل بعد قدوم السلطان الى قسطنطينية فى احدى الجماديين سنة سبع وثمانين وأقام بدار بمحلة السلطان سليم وكان تأنق فى عمارتها وكان شغفا بالمطالعة والتصحيحات وعمر مدرسته بداخل قسطنطينية قبالة مدرسة شيخ الاسلام زكريا بالقرب من حمام السلطان سليم وبنى فيها مدفنا ورتب فيه قراء وكان تمام بنائها فى أوائل سنة ثمان وثمانين ثم ولى قضاء العسكر بروم ايلى وعزل فلم تطل مدته بعد ذلك وكانت ولادته فى سنة سبع وعشرين وألف وتوفى فى آخر ذى القعدة سنة ثمان وتسعين وألف ودفن بتربته التى أنشأها رحمه الله تعالى .
مصطفى بن عبد الملك وقيل عثمان البابى الحلبى الاديب الفاضل المتمكن من المعارف وكان من أجل فضلاء الدهر وأوحد أدباء العصر وبالجملة ففضله يجل عن التعريف وأدبه غير محتاج الى التوصيف نشأ بحلب وأخذ بها العلوم عن جمع من أجلهم الشيخ أبو الجود البترونى والنجم الحلفاوى والشيخ أبو الوفا العرضى والمنلا ابراهيم الكردى والشيخ جمال الدين البابولى ودخل دمشق صحبة ابن الحسام قاضى القضاة بدمشق فى سنة احدى وخمسين وألف وأخذ بها عن الشيخ عبد الرحمن العمادى والنجم الغزى وأجاز مشايخه ورحل الى الديار الرومية فدرس بها وانتفع به جماعة من فضلائها ثم سلك طريق الموالى وتولى قضاء طرابلس الشام ثم مغنيسا ثم بغداد ثم المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فى سنة احدى وتسعين وحج فى هذه السنة فتوفى بمكة وأشعاره كلها نفيسة فائقة مطربة رائقه وهى فى الجزالة والفصاحة فوق شعر المفلقين من المتقدمين وفى الرشاقة وحسن التخيل تفوق قول المجيدين من المحدثين وها أنا أتلو عليك منه ما به الارواح تنتعش والجمادات ترتعش فمن ذلك قوله من قصيدة يمدح بها ابن الحسام % ( سرى عائدا حيث الضنى راع عودى % سرى البدر طيف بالدجنة مرتد ) % % ( وما رق لو لم يرع وجدى ولا سرى % على البعد فى ثوب الحداد المرقد ) % % ( فأعجبه شوقى اليه على النوى % كذا كان حيث الشمل لم يتبدد ) % % ( وعاتبته والظن أيأس طامع % فجاوبنى والقلب أطمع مجتد ) % % ( ولاطفته حتى استملت فؤاده % فيا لك سعدا بعضه لين جلد ) % % ( وبت كان الدهر ألقى زمامه % الى وصافانى فأحرزت مقصدى ) % % ( وحكمنى من جيده وهو عاطل % فحلاه دمعى بالجمان المنضد ) %