@ 319 @ وخرج السيد محمد بينهم علم كل أحد انه عالم وكان مع تلك الخلال وذلك الجلال سهل الاخلاق غير مترفع ولا ينقص ذلك من مقدار شيئا وكانت له فكرة سليمة كما قال شيخه الوجيه عبد الرحمن الحيمى فى صفته انه مستغرق الفكرة بالله تعالى وهو مع الناس ظاهرا هكذا ذكره لى شيخنا مشافهة أيام قراءته عليه فى الكشاف وكانت أحواله أحوال الامراء وصيته أعلى من ذلك لما حواه من هذه الكمالات ولما له من النسب الشريف الذى لا يسامى وكان فى أهل بيته الكرام كالبدر بين النجوم ولد سنة اثنتين وعشرين وألف ولم يزل مواظبا على العلم من صغره الى كبره يستفيد منه الطالبون ويراجعه الفضلاء بالكتب من الآفاق ويستمطرون ديمة آدابه ويفجرون معين علمه فيأتيهم من قبله كل عجيب غريب وقرأ فى الفنون بمدينة صنعاء وبلدة كوكبان وشيام ورحل الى الطويلة لقراءة شئ من كتب أصول الفقه على السيد العلامة عز الدين بن ذريب وأكثر ما تعلق به فى صنعاء علم الادوات والتفسير وأما الحديث فأكثر قراءته على شيوخ وردوا اليه الى محله المبارك فقرأ من كل فن وجوه كتبه وهيمن على غرائبها وكان واسع الحفظ نادرة فى ذلك سيال الذهن ولا يلقى المسائل الا على جهة الاجابة واستوطن فى آخر أيامه وادى ظهر وأنس به الناس هنالك وازداد الوادى به بهجة وعلق به من لا علاقة له به وكان استشارنى لمكان المودة فى انزال أهله الى الوادى فما رجح لى وظهر له الرجحان فكان الصواب رأيه والحرى بذلك وله من التآليف نظم الورقات لامام الحرمين الجوينى فى غاية الحسن وكان شيخنا الوجيه يتعجب من حسنه ويسر الله تعالى فى أيام القراءة شرحها بشرح مفيد ولكنه لم يظهر وغاب بين كتبه وشرحها رجل من بنى النزيلى وكانت وفاته نهار الاثنين غرة رجب سنة خمس وثمانين وألف بمنزلة شيام وكان لموته موقع عظيم عند العلماء وغيرهم وما أحقه بقول الزمخشرى فى الامام ابن سمعان % ( مات الامام ابن سمعان فلا نظرت % عين البصير اذا ضنت بأدمعها ) % % ( وأى حوباء لا صمت ولا عميت % ولا استفادت بمرآها ومسمعها ) % % ( أين الذى ان شريناه لما أخذت % ببعضه هذه الدنيا بأجمعها ) % % ( أين الذى الفقه والآداب ان ذكرت % فهو ابن ادريسها وهو ابن أصمعها ) % % ( من للامامة ضاعت عند قيمتها % من للبلاغة غيث عند مصقعها ) %