@ 213 @ عند أخيه صلاح الدين ، وحضر جنازته جميع الأمراء والأعيان والقضاة والمباشرين وخلف شيئا كثيرا من سائر الأصناف وولدا ذكرا وزوجة هي ابنة الناصري ابن البارزي التي صارت خوند ، واستقر في كتابة السر بعده قريبه الجمال يوسف ابن الصفي الكركي الذي كان أبوه من نصارى الكرك وتظاهر هو ووالد العلم هذا بالاسلام في الواقعة المشار إليها قريبا . وصولح ولد صاحب الترجمة بعد موته على أربعين ألف دينار . قال شيخنا وكنت عدته في نصف رمضان فوجدته صحيح العقل والبدن لا يشكو ألما ولكن غلب عليه الوهم بحيث أنه كان في أثناء كلامه يجزم بأنه ميت من تلك الضعفة ، وكانت أمور المملكة في طول مدة مرضه لا تصدر إلا عن رأيه وتدبيره ، وكان يجتمع بالسلطان خلوة ويذكر أنه إذا ركب ينادي بالركوب وكذلك إن دخل الحمام أو جامع ، قال وكان أبوه من أهل الشوبك ثم سكن الكرك وهو نصراني يتعانى الديونة واسمه جرجس ، فلما كان سنة سبع وستين ضيق يلبغا على جميع النصارى الملكية خصوصا الشوابكة واتهموا بأنهم مالؤا الفرنج حتى هجموا على اسكندرية فأسلم هو وكثير منهم وتسمى عبد الرحمن ) .
وخدم نائب الكرك وتقرب منه حتى قرره في كتابة سرها ثم تحول إلى حلب فخدم كمشبغا الكبير وقدم معه للقاهرة صاحب ديوانه ، ورأيته شيخا طوالا كبير اللحية ونشأ ابنه علم الدين هذا ترفا صلفا مسعود الحركات فصاهر ابن أبي الفرج ، وكان أخوه جليلا أسن منه ثم اتصل بشيخ حين كان نائب طرابلس فخدمه بها ثم بدمشق ثم بحلب ثم قدما معه القاهرة فعظم شأنهما وكبير قدرهما وباشر علم الدين نظر الجيش بطرابلس ثم بدمشق ، وامتحن هو وأخوه في وقعة صرخد وصودرا ثم لما تسلطن المؤيد تقرر في نظر الجيش ثم اختص بالظاهر ططر واستقر به في كتابة السر عوضا عن الكمال ابن البارزي كما استقر الكمال في نظر الجيش عوضه وكان يتدين ويلازم الصلاة ويصوم تطوعا ويتعفف عن الفواحش ويلازم مجالسة أهل الخير مع طول الصمت ، فكان يستر عواره بذلك إلا أنه لما ولي كتابة السر افتضح للسكنة فيه وعدم فصاحة ، وضبطت عليه ألفاظ عامية ومع ذلك فكان وقاره وحسن تدبيره وجودة رأيه يستر عورته ، ومن فعلاته المستحسنة أنه لما كان بشقحب صحبة الظاهر راجعا إلى مصر استأذنه في زيارة القدس فتوجه من طريق نابلس فشكا إليه أهل القدس والخليل ما أضر بهم من أمر الجباية وكانت لنائب القدس وتحصل منها لفلاحي القرى إجحاف شديد ويتحصل للنائب الوف دنانير ولمن