@ 196 @ الكرك فلما مات الأشرف صرفه الظاهر عن نيابتها وولاه اتابكية صفد طرخانا ثم ظهر له نصيحته فولاه نيابة ملطية فاستمر فيها زيادة على أربع سنين تقريبا ، قدم في غضونها القاهرة مرتين نقل في الثانية منهما عنها إلى أتابكية حلب ثم امتحن بها وسجن بقلعتها مقيدا لشكوى نائبها منه ثم أطلق بعناية شيخنا وأقام بحرم الخليل طرخانا ، وأنعم عليه بما يزيد على كفايته ثم نقل إلى نيابة القدس ثم أعفي منها بعد مدة وتوجه إلى دمشق على تقدمة بها كانت معه حين النيابة ثم أضيف إليه إمرة عشرة زيادة على التقدمة ثم صرف عنهما ثم ولي إمرة الحاج الدمشقي مرة في آخر الأيام الظاهرية وأخرى في أول الدولة الأشرفية إينال وأعطى إمرة عشرين بطرابلس طرخانا فتوجه إليها ثم أعيد إلى ) .
دمشق على إمرة عشرين طرخانا ورام المؤيد اعطاءه تقدمة بالقاهرة فعوجل ولكن أقره الظاهر خشقدم على امرته المشار إليها بها معفيا عن سائر الكلف السلطانية بل وأذن له بالاقامة في القاهرة وأن يحضر مجلسه في الاسبوع مرتين لمسامرته ومنادمته ثم حقد عليه وأخرج إمرته وأمره بالتوجه لبيت المقدس فالتمس منه أن يكون بمكة فأذن له وتوجه منها مع الحاج العراقي إلى العراق ودخل الحلة وبغداد وغيرهما ، فلما مات الظاهر رجع إلى حلب ثم إلى طرابلس فتمرض حتى كانت منيته بها في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ودفن بها في تربة كان أعدها لنفسه وكان يتعانى الأدب مع اشتغال ومشاركة فيه ومذاكرة حسنة بالتاريخ والشعر وفهم جيد وقد خمس البردة وكتبت عنه ما أنشدني لنفسه مما أودعته في الجواهر وخاطب به شيخنا : % ( وقائلة من في القضاة بأسرهم % يلازم تقوى الله طرا بلا ضجر ) % % ( ويرأف في الأحكام بالخلق كلهم % ويدعو لهم في كل ليل إلى السحر ) % % ( فقلت لها فهو الإمام أولو النهى % وذاك شهاب العسقلاني بني الحجر ) % % ( له كتب في كل فن لقارىء % وشرح عجيب للبخاري من الخبر ) % % ( وفي النحو والتصريف لم ير مثله % كذا في المعاني والبيان وفي الأثر ) % فأجابه شيخا بما كتبته عنه أيضا : % ( أيا غرس فضل أثمر العلم والندى % فلله ما أزكى وما أطيب الثمر ) % % ( يجود وينشي بالغا ما أراده % فمستطلع درا ومستنزل الدرر ) % % ( لك الخير قد حركت بالنظم خاطرا % له مدة في العمر ولت وما شعر ) % % ( وقلدت جيدي طوق نعماك جائدا % فغالا ونطقا صادقا الخبر والخبر ) %