@ 58 @ وعاد بشيء كثير له وللسلطان فزاد عنده حظوة ، وظهرت له كفاءته ولا زال أمره فيها في نمو وزيادة وعظم حتى قيل له نائب جدة ، ثم بعد أستاذه استقر به المنصور في الاستادارية وتعذر لذلك توجهه لجدة في تلك السنة ، بل تخلف عنها فيما تقدم أحيانا ، ثم كان في أيام الأشرف اينال أعز طائفته بحيث انتفع بسفارته من شاء الله من الظاهرية ، وأعفى من الاستادارية واستمر على تكلمه في جدة بل زيد من الأقطاعات وصار من أمراء الطبلخانات وأثرى وحصل بالشراء وغيره من القرى والضياع بديار مصر وغيرها الكثير وأنشأ التربة الجميلة خارج باب القرافة المشتملة على المدرسة والتصوف وكتاب الايتام والحوض وغير ذلك ، والبستان الهائل الفائق الوصف وما احتوى عليه من البحرة ، وكذا القبتين والرصيف تجاههما الدال على علو همته والبستان والسبيل ظاهر مكة قريبا من العسيلات بطريق منى وغير ذلك وملك الاشرفية فضلا عن الظاهرية بالعطاء والبذل انقادت له العظماء ، وانثالت عليه الاموال من كل وجه لا سيما من بلاد الحجاز فهو المتصرف فيه بحيث كاتبه أكابر ملوك الهند وغيرها وجلبوا إليه التحف ولذا لم يتخلف عن المسير اليها في سنة أربع وستين مع كونه مقدما بل كان هو القائم بخلع المؤيدي مع مزيد ترفقه به واستجلابه له ثم برجوع جانم وانحلال أمره لقوة شوكته من خجداشيته وحواشيه وبعد ثلاثة أيام من استقرار الظاهر خشقدم استقر به في الدوادارية الكبرى بعد موت يونس الاقباي ، وصار مدبر المملكة وصاحب حلها ) .
وعقدها ومحط الرحال وزادت عظمته وشاع ذكره وبعد صيته في الآفاق ، وكاتبه الملوك وقصد في المهمات التي لا يسدها غيره وسمح بالبذل بما يفوق الذكر كألفي دينار دفعة ومائة ناقة ودون ذلك وفوقه ، وكان مهابا شهما حاذقا حسن الشكالة فصيح العبارة باللسانين قصير القامة كيسا سيوسا ، ومحاسنه كثيرة وضدها أكثر وأفحش . مات مقتولا بيد الاجلاب وقت الاسفار من يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة سبع وستين عند باب سر الجامع الناصري فجهز ثم صلى عليه عند باب القلة ثم دفن بتربته بباب القرافة وما تبعه إلا دون عشرة من مماليكه من أكثر من مائتي مملوك فسبحان المعز المذل الفعال لما يريد وما أحسن ما قيل : % ( باتوا على قلل الاجبال تحرسهم % غلب الرجال فلم تمنعهم القلل ) % % ( واستنزلوا من أعالي عز معقلهم % فأسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا ) % % ( ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا % أين الأسرة والتيجان والحلل ) % % ( أين الوجوه التي كانت محجبة % من دونها تضرب الاستار والكلل ) %