@ 50 @ والحساب وولى تدريس الخاصكية ودرس بها مدة ثم تركها وأقبل على الله وعلى الآشتغال تبرعا وعلى التصوف وجلس فى الخلوة مدة لا يكلم أحدا وأخذ عن جماعة من أهل الطريقة وسمع من جماعة في الحديث وغيره حتى صار إماما في الفقه وأصوله والعربية مشاركا فى الحديث والتفسير والكلام وغير ذلك مع حرصه على سائر أنواع الطاعات من صلاة وصيام وتهجد ومرابطة بحيث لم تكن تخلو سنة من سنيه عن إقامة على جانب البحر قائما بالدعاء إلى الله سرا وجهرا اخذا على أيدى الظلمة مؤثرا محبة الخمول والشغف بعدم الظهور تاركا لقبول ما يعرض عليه من الدنيا ووظائفها حتى أن الأمير حسام الدين حسن جدد بالقدس مدرسة وعرض عليه مشيختها وقررله فيها كل يوم عشرة دراهم فضة فأبى بل كان يمتنع من أخذ ما يرسل به هو وغيره اليه من المال ليفرقه على الفقراء وربما أمر صاحبه بتعاطى تفرقته بنفسه وله محافظة على الأذكار والأوراد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر معرضا عن الدنيا وبنيها جملة حتى أنه لما سافر الأشرف إلى امد هرب من الرملة إلى القدس فى ذهابه وإيابه لئلا يجتمع به وما زال فى ازدياد من الخير والعلم حتى صار المشار اليه بالزهد في تلك النواحى وقصد للزيارة من سائرالآفاق وكثرت تلامذته ومريدوه وتهذب به جماعة وعادت على الناس بركته قال السخاوى وهو فى الزهد والورع والتقشف واتباع السنة وصحة العقيدة كلمة اجماع بحيث لا أعلم في وقته من يدانيه فى ذلك وانتشر ذكره وبعد صيته وشهد بخيره كل من رآه انتهى وقال ابن أبى عذيبة وكان شيخا طويلا تعلوه صفرة حسن المأكل والملبس