@ 185 @ للفقهاء والصالحين إذا دخلوا عليه ويبالغ فى تقريبهم منه ولا يرتفع فى المجلس بحضرتهم وله المام بالعلم واستحضار لبعض المسائل لكثرة تردد العلماء اليه فى حال أمرته ورغبته فى الاستفادة منهم وله كرم زائد بحيث ينسب الى التبذير فانه قد يعطى بعض أهل العلم الف دينار فصاعدا وله عناية فى إزالة كثير من المنكرات وان كانت من شعار السلطنة وكان كثير الاحسان الى الأيتام بحيث كان يرسل من يحضرهم الى حضرته فيمسح رؤوسهم ويعطى كل واحد منهم وأصلح كثيرا من المصالح العامة كالقناظر والجوامع والمدارس وقرر لأهل الحرمين رواتب فى كل سنة خصوصا الفقراء منهم يحمل اليهم من مائة دينار وأقل وأكثر وكثر الدعاء له بذلك وهادن ملوك الأطراف وها داهم وتردد إليهم لا عن عجز أو ضعف قوة بل كان يقول كل ما أفعله مع الملوك لا يفى بنعل الخيل لو أردت المسير إليهم كل ذلك والأقدار تساعده والسعادة تعاضده مع حدة تعترية فى بعض الأحوال وسرعة بطش وبادرة مفرطة والكمال لله وبالجملة فهو من محاسن الملوك فى غالب أوصافه وقد كان كثير التعظيم لأهل العلم وله معرفة بمقاديرهم حتى كان يتأسف على فقد الحافظ ابن حجر ويسميه أمير المؤمنين وهو ممن ظهرت سعادته فى مماليكه بحيث تسلطن جماعة منهم ولم يزل على ملكه إلى أن ابتدأ به المرض وصار يظهر التجلد لا يمتنع من الكتابة حتى غلب عليه الحال فعجز وانحط ولزم الفراش نحو شهر حتى مات بين المغرب والعشاء ليلة الثلاثاء ثالث شهر صفر سنة 857 سبع وخمسين وثمان مائة وعهد لولده المنصور بالسلطنة وقد كان سنة عند موته زيادة على ثمانين سنة ورآه بعض الصلحاء