الفعل من الشيخ فيه إضاعة المال او نوع من التبذل الذي يشين المروءة وليس الامر كذلك فإنه لم يكن عنده حينئذ معلوم غير ثيابه ورأى أن قطع غير العمامة من بقية لباسه مما يفسده ولا يحصل به المقصود ولم يكن عليه ولا عنده حينئذ ثوب صحيح لا يحتاج اليه حتى يدفعه اليه فسارع الى قطع ما يستغنى ببعضه عن كله فيما وضع له وهو العمامة فنفع أخاه المسلم وسد حاجته حينئذ ببعضها واستغنى هو بباقيها وهذا هو أكمل التصرف الصالح والرشد التام .
والجود المذكور المشهور والايثار بالميسور وأما التبذل الذي فيه نوع إسقاط المروءة فليس من هذا القبيل في شيء بل هذا من المبالغة في التواضع وعدم رؤية النفس في محل الاحتشام ورفض أرادة المرء تعظيم نفسه بحضرة الحاضرين وهذه خصال محمودة مطلوبة شرعا وعقلا .
وقد روي مثل ذلك عن سيد الانام وأكمل الخلق مروءة وعقلا وعلما محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم انه لبس يوما شملة سوداء لها حواش بيض وخرج إلى المسجد وجماعة من المسلمين حضور فرآه إنسان فقال يا رسول الله أعطني هذه الشملة وكان صلى الله عليه وسلم لا يمنع سائلا يسأله فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كريمه المكرم ودفعها الى ذلك