@ 54 @ الوضوء فخرج مسعر ثم رجع وقد أذن لصلاة الصبح فوجد أبا حنيفة على حاله يبكي ويدعو ثم قام فرجع ركعتي الفجر وابتهل حتى أقيمت الصلاة فصلى الغداة على وضوء أول الليل فلما أصبح أخذ مسعر بيد جماعة من أصحابه وصار إليه وقال إني تائب إلى الله من ذكري لك فاجعلني في حل فقال أبو حنيفة كل من اغتابني من أهل الجهل فهو في حل ومن كان من أهل العلم فهو في حرج حتى يتوب فإن غيبة العلماء تبقى شينا في الخلق وأما أنا فقد جعلتك في حل فكيف بطلب الله إياك بما نهاك عنه في كتابه وسنة نبيه قال فكانا بعد ذلك متواخيين حتى ماتا .
أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرىء قال ثنا مكرم قال ثنا احمد قال ثنا أحمد ابن كاسب قال قال لي عبد المجيد بن أبي راود ما رأيت أصبر على الطواف والصلاة والفتيا بمكة من أبي حنيفة إنما كان كل الليل والنهار في طلب الآخرة لنفسه والنجاة للمعاد صبورا على تعليم من يجيئه ويطلب العلم لقد شاهدته عشر ليال فما رأيته نام بالليل ولا هدأ ساعة من نهار من طواف او صلاة او تعليم علم .
أخبرنا عمر قال ثنا مكرم قال ثنا احمد بن يونس قال سمعت زائدة يقول صليت مع أبي حنيفة في مسجده عشاء الآخرة وخرج الناس ولم يعلم أني في المسجد وأردت أن أسأله عن مسألة من حيث لا يراني أحد قال فقام فقرأ وقد افتتح حتى بلغ إلى هذه الآية ! < فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم > ! فأقمت في المسجد انتظر فراغه فلم يزل يرددها حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد المعدل قال ثنا مكرم قال ثنا احمد بن عطية قال ثنا مليح قال حدثني أبي عن أبي حنيفة رضي الله عنه قال ما في القرآن سورة إلا قد أوترت بها