@ 148 @ وإن كان الرشيد على صواب فينبغي لك أن تنفي عنك أصحاب الخطأ فأخذ المأمون الكتاب وقال لعيسى لعل للقوم حجة وأنا سائلهم عن ذلك فكان أول من دخل عليه إسماعيل بن حماد فأخبر المأمون الخبر فقال إسماعيل أنا أكفيك هذا الكتاب يا أمير المؤمنين وأوضح لك الحجة فقال له المأمون فشأنك بها ودفع إليه الكتاب فأقام عنده مدة ثم جاءه به وقرأه المأمون فإذا هو ضرب من السب فلم يحفل به وقال ليس هذا من جواب القوم في شيء ثم أخذ منه الكتاب فدخل إليه بشر بن غياث فأخبره الخبر فقال بشر أنا أكفيك يا أمير المؤمنين فأخذه ثم جاء بعد ذلك بكتاب فقال هذا جوابه فقرأه المأمون فإذا فيه دفع قبول خبر الواحد فقال له المأمون ليس هذا من جواب القوم في شيء إن أصحابك يحتجون به في بعض مسائلهم ويصدرون كتبهم بخبر الواحد فإن كان خبر الواحد مما يجوز العمل به في شيء جاز العمل به في أمثال ذلك الشيء وإن كان لا يجوز العمل به في شيء فلم وضعوه في كتبهم ثم أخذ منه الكتاب الذي كان دفعه إليه فكان أول من دخل إليه بعد ذلك يحيى بن أكثم فأخبره المأمون الخبر فقال له ادفعه إلي وأنا أكفيكه يا أمير المؤمنين فدفعه إليه فأقام فيه دهرا طويلا كلما سأله المأمون قال لم أفرغ فقال له المأمون إن هذا الأمر طويل فما توجب لك الحكمة هذا عندي لو أقمت الحجة لأن مخالفك إنما بين خلافك والحجة عليك في كتاب واحد ولعلك أنت لا تحتج عليه في مائة كتاب فبلغ ذلك عيسى بن أبان ولم يكن يدخل على المأمون قبل ذلك فوضع كتاب الحجة الصغير فابتدأ فيه بوجوه الأخبار وكيف نقل وما يجب قبوله منها وما يجب رده وما يجب علينا وما إذا سمعنا المتضاد منها وكشف الأحوال في ذلك ثم وضع لتلك الأحاديث أبوابا وذكر في كل باب حجة أبي حنيفة ومذهبه وما له فيه من الأخبار وما له فيه من القياس حتى استقصى ذلك استقصاء حسنا وعمل في كتابه حتى صار إلى يد المأمون فلما قرأه قال هذا جواب القوم اللازم لهم ثم أنشأ يقول .
( حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه % فالقوم أعداء له وخصوم