@ 65 @ .
كان هذا الفقيه صارم الدين مسرفا على نفسه في ابتداء أمره ثم تاب وحسنت توبته ثم حج على قدم التجريد ماشيا إلى مكة المشرفة وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجاور في مكة المشرفة سنتين وكان يصوم النهار ويقوم الليل ويحتطب على ظهره ثم يبيع الحطب فيتصدق بالنصف من ثمنه ويأكل النصف وصحب الشيوخ الصلحاء كالشيخ محيي الدين عمر العرابي وتحكم على يده ولزم طريقة التصوف وتأدب بآدابهم وعد من الزهاد والعباد ثم رجع إلى بلده مدينة إب لابسا للخشن كغراير الصوف والسلب فكان يحمل الماء على ظهره ويسقيه الناس في الجامع والمدارس وغيرها ثم هاجر إلى الحبشة وعبد الله تعالى بجزيرة مشهورة هنالك يأكل الأشجار ويشرب من ماء فيها ثم عاد إلى بلده ووقف بها مدة ثم سافر إلى مكة المشرفة أيضا وأقام هناك مدة ثم رجع إلى بلده فتحكم على يده جماعة من أهل البلد فكان يسير بهم في الليل إلى المواضع الخالية فيمنعون أنفسهم النوم ويقومون بالصلاة والذكر والدعاء ثم إنه كان يقصد قبور الصالحين في البلدان البعيدة والقريبة للزيارة واشتهر أمره وأحسن الناس به الظن وأحبه معظم أهل البلد وكان قد يخرج بالليل من المساجد إلى المقابر وغيرها ومعه جماعة يجهرون بالذكر فاعترض عليهم الفقيه عفيف الدين الكاهلي بعذر أنهم ينبهون النيام ويفزعون الأطفال بأصواتهم العالية وأفتى بعدم جواز ذلك وطلب من شيخ البلد الوالي عليها وهو تاج الدين محمد بن أبي بكر السيري الإعانة على ذلك ومنعهم فأجابه إلى ذلك فامتنعوا