@ 901 @ يفقد لديه الزيغ والإلحاد والفضول في الدين والعناد الفهم ملء إهابه والفضل حشو ثيابه شخص الأدب ماثلا ولسان البلاغة قائلا جمال الأيام وزينة خواص الأنام وفارس الكلام والمقدم في النثار والنظام قد لزم بيته فما يرى متبرزا وألف داره وأصبح فيها معتمدا متعززا لا يؤنسه عن الوحشة إلا الدفاتر ولا يصحبه في الوحدة إلا المحابر وقد اقتصر من دنياه على الزاوية وأنس الاعتزال والعافية وقصر همته على أدب يفيده وتصنيف يجيده وقريض ينظمه ونثر ينثره فيحكمه ومتعلم يفضل عليه ومسترفد صعلوك يحسن إليه فهو عذب لمشرب عف المطلب نقي الساحة من المآثم بريء الذمة من الجرائم يرجع إلى نفس أمارة بالخير بعيدة من الشر قد كف عن زخرف الدنيا ونضرتها وغض طرفه عن متاعها وزهرتها ونقى جيبه فأمن الناس عيبه قد استوى في النزاهة نهاره وليله فلم يتدنس بفاحشة قط ذيله وعاد لإصلاح المعاد بإعداد الزاد واعتزل هذه الغدارة وأفرج عن المراد .
وله دار حسنة يأويها ومعاش يكفيه ويمونه وأولاد أخ باق يخدمونه ويقرأون بين يديه ويدرسون عليه ويكتبون له ووراق برسمه مستأجر ثم ينفق على نفسه من دخل معاشه نفقة طفيفة وما يفضل عنه يفرقه على أخيه وأولاده واللئذين به الفقراء والقاصدين له من الغرباء ولا يقبل لأحد دقيقا ولا جليلا فقد استعمل قول النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أتاه فقال يا رسول الله أي الناس أفضل قال رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره وما روي أن عقبة بن عامر قال يا رسول الله ما النجاة قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك فقد اتخذ الله تعالى ذكره صاحبا وترك الناس جانبا .
فمضيت إليه مسلما وللاستسعاد به مغتنما فرأيت شيخا حكمت