@ 4092 @ عليه حتى يعلمكم أمره فاشتد عليه قيصر عند ذلك وتوعده بالقتل وجعل له الأمان على أن يحقق له الخبر عن أمره فقال لهم سابور عجبا لكم ومن طمعكم بي أن يؤثر سابور الجهد والحاجة والجوع في بلادكم على المقام في ملكه ونعمته فلم يقبلوا ذلك منه ولم يخلوا عنه حتى اعترف لهم سابور فاشتد فرح قيصر وجنوده وقالوا قد أعظم الله علينا النعمة فساق الينا عدونا وأمكننا منه فنحن منتقمون منه ومنزلون به وبأرضه ما أجرم إلينا سابور الأول فأمر قيصر بسابور فجعل في نقرة جوفاء من جلود البقر ثم أطبق عليه وألزمه الرقباء والحفظة وسار بجنوده إلى أرض فارس ثم أرسل إليهم إني قد أخذت ملككم فاما أن تفتدوه واما ان أقتله وأمر سابور أن كتب إلى أهل أرضه فيرسل أهل كل مدينة بما يسألهم فجعل لا ينزل بأرض إلا أخربها وجعلت الأعاجم تتقيه بكل ما قدرت عليه فكثر منه القتل والاخراب في مدائنهم وقارهم والعقر في نخلهم وشجرهم وسابور معه يسير به حيث ما توجه حتى انتهى الى جند يسابور وكان قد تحصن جنود فارس وعظماؤهم فنصب عليهم المجانيق حتى هدم نصفها ولم يستطع دخولها فبينا هو كذلك إذا غفل حراس سابور من الروم ذات ليلة فلم يغلقوا الباب الذي كان يلقى اليه الطعام في النقرة وكانت ليلة مقمرة وكان حول النقرة ممن غنمت الروم من سبي الأهواز أناس كثير فرفع سابور رأسه وقبل ذلك ما سمع كلامهم وعرف لغتهم وكان عندهم زقاق زيت فدعا سابور بعضهم فقال خذوا من هذه الزقاق فأفرغوه على رأسي ففعل ذلك فابتل القد ولان وكان قد نحل جسمه فلم يلبث أن أسبل يديه ورجليه من الوثاق وخرج من النقرة يدب على قوائمة شبه الدابة حتى إذا جاء من باب المدينة رآه الحراس فصاحوا به فأشار إليهم أن اصمتوا وأخبرهم باسمه فعرفوا صوته ففتحوا له باب المدينة فلما دخل على أهلها اشتد سرورهم به ورفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه .
فاستنبه قيصر وأصحابه بأصواتاهم وظنوا أنه أتاهم مدد من ورائهم ثم قال لهم سابور استعدوا وتعبوا فإذا سمعتم صوت ناقوس الروم فاركبوا خيولكم فإذا ضرب به الثانية فواقفوهم فإني أرجو أن يفتح الله لكم عليهم ويفل حدهم ففعلوا ذلك بهم فقتلوا الروم أبرح القتل وأمرهم سابور أن يأخذوا قيصرا أسيرا ولا