@ 3856 @ البعلبكي صاحب منبج إلى عمي وقال له من تحت القلعة يا أمير علي ايش بقي يخلصك من أتابك فقال له يا عاقل يخلصني الذي خلصك من جب خرتبرت فذبح أتابك في تلك الليلة وكان حسان قد قبض عليه بلك بن بهرام بن أرتق وطلب منه أن يسلم إليه منبج فلم يفعل فسيره إلى خرتبرت وحبسه في جب بها وحاصر منبج فجاءه سهم فقتله عليها وخلص حسان وعاد إلى منبج .
وقال لي بدران ومن عجيب ما اتفق في حصار القلعة ما حكاه لي جماعة من عبيدنا وشيوخ أصحابنا أن أتابك زنكي لما قصد القلعة وحاصرها وبها عمي علي أقام مضايقا لها حتى عدموا الماء فبذل عمي ثلاثين ألف دينار ليرحل عنها فأجابه إلى ذلك ونزل رسول عمي إليه وقد جمع الذهب حتى قلع الحلق من آذان عماتي أخواته على ما حكى لي المشايخ .
قال فلما نزل الرسول إليه قال لبعض خواصه امض بفرسه وقدمه إلى قدر اليخني فإن شرب منه فأعلمني قال فمضى به إلى قدر اليخني وجعل مرقة اليخني بين يديه فشربها الفرس فأخبره بذلك فقال أن الماء عندهم قليل جدا فقال للرسول ارجع إليهم فلا سبيل إلى الصلح إلا على القلعة فقال له الرسول لا تفعل فقال قد فعلت وأنتم فما بقي عندكم ماء يكفيكم قال فصعد الرسول إلى القلعة وأخبر عمي بذلك فأسقط في يده قال وكان في القلعة بقرة وحش وقد أجهدها العطش فصعدت في درجة المئذنة حتى علت عليها ورفعت رأسها إلى السماء وصاحت صيحة عظيمة ملأت الوادي قال فأرسل الله سبحانه سحابة ظللت القلعة وأمطروا حتى رووا ولما كان عشية ذلك اليوم باتوا تلك الليلة فقتل أتابك في جوف الليل وفرج الله عنهم .
قلت وكان القاضي أبو مسلم قاضي الرقة هو الذي خرج من الرقة مع جماعة من أهلها وتولى تجهيز زنكي ونقله إلى الرقة ودفنه فكان ثوابه من نور الدين محمود بن زنكي أن وقف عليه وعلى ذريته من بعده قرية عامرة ببلد حلب