@ 3151 @ اليمامة ضرب عسكره على الجرعة التي بين الحيرة والنهر وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض وقصر ابن بقيلة فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى نفدت ثم رموه بالخزف من آنيتهم فقال له ضرار بن الأزور ما لهم مكيدة أعظم مما ترى فبعث إليهم إبعثوا إلي رجلا من عقلائكم أسائله ويخبرني عنكم فبعثوا عبد المسيح ابن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة فأقبل يمشي إلى خالد فلما رآه قال ما لهم أخزاهم الله بعثوا إلي رجلا لا يفقه فلما دنا من خالد قال أنعم صباحا ايها الملك فقال خالد قد أكرمنا الله بغير هذه التحية بالسلام ثم قال له خالد من أين أقصي أثرك قال من ظهر أبي قال من أين خرجت قال من بطن أمي قال على ما أنت قال على الأرض قال فيم أنت ويحك قال في ثيابي قال أتعقل قال نعم وأقيد قال ابن كم أنت قال ابن رجل واحد قال خالد ما رأيت كاليوم قط أسائله عن شيء وينجو في غيره قال ما أجبتك إلا عما سألت عنه فأسأل عما بدا لك قال كم أتى لك قال خمسون وثلاثمائة قال أخبرني ما أنتم قال عرب استنبطنا ونبط استعربنا قال فحرب أنتم أم سلم قال بل سلم قال فما بال هذه الحصون قال بنيناها لنحبس السفيه حتى ننهاه بالحليم .
قال ومعه سم ساعة يقلبه في يده فقال له ما هذا معك قال هذا السم قال فما تصنع به قال أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله وإن كانت الأخرى لم أكن أول من ساق إليهم ضيما وبلاء فآكله وأستريح وإنما بقي من عمري يسير فقال هاته فوضعه في يد خالد فقال بسم الله وبالله رب الأرض ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء ثم أكله فتجلته غشية فضرب بذقنه على صدره ثم عرق وأفاق فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال جئت من شيطان أكل سم ساعة فلم يضره أخرجوهم عنكم فصالحوهم على مائة ألف فقال له خالد ما أدركت قال أدركت سفن البحر ترقأ إلينا في هذا الجرف ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج إلى الشام في قرى متواترة ما تزود رغيفا وقد أصبحت خرابا يبابا وكذلك دأب الله في العباد والبلاد وقال عبد المسيح حين رجع .
( أبعد المنذرين أرى سواما % يروح بالخورنق والسدير )