@ 2520 @ فشغلني يا أمير المؤمنين الكف والمعصم عن رائحة القدور فبقيت باهتا ساعة ثم أدركني ذهني فقلت للخياط هو ممن يشرب النبيذ قال نعم وأحسب عنده اليوم دعوة وليس ينادم إلا تجارا مثله مستورين فإني لكذلك إذ أقبل رجلان نبيلان راكبان من رأس الدرب قال الخياط هؤلاء منادموه فقلت ما أسماؤهما وما كناهما فقال فلان بن فلان وأخبرني بكناهما فحركت دابتي وداخلتهما وقلت جعلت فداكما قد استبطأكما أبو فلان أعزه الله وسايرتهما حتى أتينا إلى الباب فأجلاني وقدماني فدخلت ودخلا فلما رآني معهما صاحب المنزل لم يشك أني منهما بسبيل أو قادم قدمت عليهما من موضع فرحب وأجلسني في أفضل موضع فجيء يا أمير المؤمنين بمائدة وعليها خبز نظيف وأتينا بتلك الألوان فكان طعمها أطيب من ريحها فقلت في نفسي هذه الألوان قد أكلتها بقيت الكف أصل إلى صاحبتها ثم رفع الطعام وجيء بالوضوء ثم صرنا إلى منزل المنادمة فإذا أشكل منزل يا أمير المؤمنين وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل علي بالحديث وجعلوا لا يشكون أن ذلك منه لي عن معرفة متقدمة وإنما ذلك الفعل كان منه لما ظن أني منهما بسبيل حتى إذا شربنا أقداحا خرجت علينا جارية يا أمير المؤمنين كأنها غصن بان يتثنى فأقبلت تمشي فسلمت غير خجلة وثنيت لها وسادة فجلست وأتي بعود فوضع في حجرها فجسته فاستبنت في جسها حذقها ثم اندفعت تغني .
( توهمها طرفي فأصبح خدها % وفيه مكان الوهم من نظري أثر ) .
( فصافحها قلبي فآلم كفها % فمن مئتن قلبي في أناملها عقر ) .
فهيجت يا أمير المؤمنين بلابلي فطربت لحسن شعرها وحذقها ثم اندفعت تغني .
( أشرت إليها هل عرفت مودتي % فردت بطرف العين إني على العهد ) .
( فحدت عن الإظهار عمدا لسرها % وحادت عن الإظهار أيضا على عمد )