@ 2483 @ ذلك إلى الشروع في رسوم الاستيفاء فلم يزل الدهر يعلو به وينخفض حضرا وسفرا وكان يطوف في بلاد خراسان ووقع إلى غزنة في صحبة بعض المتصرفين إلى أن تنبه بخته وحان وقته ووقع في شغل أبي علي بن شاذان المعتمد عليه ببلخ من جهة الأمير جغري حتى حسن حاله عند ابن شاذان وظهر اثر خدمته ولاحت آثار كفايته وصار معروفا عند ذي أمره إلى أن توفي أبو علي بن شاذان فذكر أنه أوصى إلى الملك الب أرسلان به وذكر له كفايته وأمانته واستصلاحه لشغله فنصبه مكانه وصار وزيرا له والحال بعد مستورة والدولة مغمورة إلى أن أنتهت الدولة الركنية نهايتها وكانت ولاية مرو لالب أرسلان ملكا وهو الوزير المتمكن من الأمر فأتفقت وفاة طغرلبك ولم يكن له من الأولاد من ينوب منابه فتوجه الأمر إلى ألب أرسلان وتعين للسلطنة فتحرك عن مرو والوزير يرتب أمره ويرتب قواعد ملكه حتى زحف إلى نيسابور والى العراق وخطب له على منابر خراسان والعراق .
وارتفع أمر الصاحب وصار سيد الوزراء صافيا له الورد من سنة خمس وخمسين وأربعمائة وانقضت أيام فترة المذاهب والرسوم الممقوتة في الدولة الماضية وأظهر الله مكنون سره في دولة نظام الملك فجرى له من الرسوم المستحسنة ونفي الظلم وإسقاط المؤن والقسم وحسن النظر في أمور الرعية وتقدير المعاملات على سنن الإنصاف والعدل وضبط الأمور واستقامت الأحوال ورتبت الدواوين أحسن ترتيب وتزينت الأقطار بآثار العدل والإنصاف وكان من أكفى الكفاة والسلطان من أعدل الولاة فصفي العيش واطردت التجارات وأهلت الطرق وقل أهل العيث والفساد وأخذ الوزير في بذل الصلات وبناء المدارس والمساجد والرباطات وتحصين العمارات بالأوقاف الدارة وتزيين المدارس بخزائن الكتب المودعة فيها المشتملة على نفائس الأعلاق ثم إسكان البقاع طلبة العلم والمدرسين في كل فن من الفنون وكل ذلك من الأسباب الموثقة للملك والبذور