@ 2371 @ طلبة للعلم وسامعي الحديث وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأدراهم للحديث وأعلاهم إسنادا وأصحهم رواية فكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعت الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعا وسوء حال ولم يذق أحد منا فيها شيئا وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتابة رقاع بأسامي كل واحد منا وإرسالها قرعة فمن ارتفع اسمه من الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيها بالإخلاص أدعو اله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقه الفرج فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال من منكم الحسن بن سفيان فرفعت رأسي من السجدة فقلت أنا الحسن بن سفيان فما الحاجة فقال أ ن الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم في الغفلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم ووضع بين يدي كل واحد منا صرة فيها مائة دينار فتعجبنا من ذلك جدا وقلنا للشاب ما القصة في هذا فقال أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به والمتصلين بأقربائه وخواص أصحابه دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي فقال لي وللقوم أنا أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلي فلم يتسق قعودي حتى أتاني الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه علي خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل