@ 232 @ .
ولما كانت أيام ابن الزبير وموت مروان بن الحكم وطلب عبد الملك الخلافة بعده لتوليته إياه عهده واستعداده للشخوص إلى العراق لمحاربة المصعب بن الزبير خرجت خيل للروم إلى جبل اللكام وعليها قائد من قوادهم ثم صارت إلى لبنان وقد ضوت إليها جماعة كثيرة من الجراجمة وأنباط وعبيد أباق من عبيد المسلمين فاضطر عبد الملك إلى أن صالحهم على ألف دينار في كل جمعة وصالح طاغية الروم على مال يؤديه إليه ليشغله عن محاربته وتخوفه أن يخرج إلى الشام فيغلب عليها واقتدى في صلحه بمعاوية حين شغل بحرب أهل العراق فصالحهم على أن يودي إليهم مالا وارتهن منهم رهنا وضعه ببعلبك ووافق ذلك أيضا طلب عمرون بن سعيد بن العاص الخلافة وإغلاقه أبواب دمشق حين خرج عبد الملك عنها فازداد شغلا وذلك في سنة سبعين .
ثم إن عبد الملك وجه إلى ذلك الرومي سحيم بن المهاجر وتلطف حتى دخل عليه متنكرا فاظهر الممالاة له وتقرب إليه بذم عبد الملك وشتمه وتوهين أمره حتى أمنه واغتر به ثم أنه انكفأ عليه بقوم من موالي عبد الملك وجنده كان أعدهم لمواقعته ورتبهم بمكان عرفه فقتله ومن كان معه من الروم ونادى في سائر من ضوى إليه بالأمان فتفرق الجراجمة بقرى حمص ودمشق ثم رجع أكثرهم إلى مدينتهم باللكام وأتى الأنباط قراهم ورجع العبيد إلى مواليهم .
وكان ميمون الجرجماني عبدا روميا لبني أم الحكم أخت معاوية ابن أبي سفيان وهم ثقفيون وإنما نسب إلى الجراجمة لاختلاطه بهم وخروجه بجبل لبنان معهم فبلغ عبد المك عنه بأس وشجاعة فسأل مواليه أن يعتقوه ففعلوا وقوده على جماعة من الجند وصيره بأنطاكية فغزا مع مسلمه بن عبد الملك الطوانه وهو على ألف من أهل أنطاكية فاستشهد بعد بلاء حسن زموقف مشهود فغم عبد الملك مصابه وأغزى الروم جيشا عظيما طلبا بثأره