@ 1955 @ .
وفي أيامه جدد عمارة منارة حلب بالجامع في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة واسمه منقوش عليها إلى اليوم وهو الذي أمر ببناء مشهد قرنبيا ووقف عليه الوقف وأمر بتجديد مشهد الدكة .
أخبرني عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري قال كان قسيم الدولة آق سنقر أحسن الأمراء سياسة لرعيته وحفظا لهم وكانت بلاده بين عدل عام ورخص شامل وأمن واسع وكان قد شرط على أهل كل قرية في بلاده متى أخذ عند أحدهم قفل أو أحد من الناس غرم أهلها جميع ما يؤخذ من الأموال من قليل أو كثير فكانت السيارة إذا بلغوا قرية من بلاده ألقوا رحالهم وناموا وقام أهل القرية يحرسونهم إلى أن يرحلوا فأمنت الطرق وتحدث الركبان بحسن سيرته .
سمعت والدي القاضي أبا الحسن رحمه الله يقول لي فيما يأثره عن أسلافه إن قسيم الدولة آق سنقر كان قد نادى في بلد حلب بأن لا يرفع أحد متاعه ولا يحفظه في طريق لما حصل من الأمن في بلده .
قال فخرج يوما يتصيد فمر على قرية من قرى حلب فوجد بعض الفلاحين قد فرغ من عمل الفدان وطرح عن البقر النير ورفعه على دابة ليحمله إلى القرية فقال له ألم تسمع مناداة قسيم الدولة بأن لا يرفع أحد متاعا ولا شيئا من موضعه فقال له حفظ الله قسيم الدولة قد أمنا في أيامه وما نرفع هذه الآلة خوفا عليها أن تسرق ولكن هنا دابة يقال لها ابن آوى تأتي إلى هذا النير فتأكل الجلد الذي عليه فنحن نحفظه منها ونرفعه لذلك .
قال فعاد قسيم الدولة من الصيد وأمر الصيادين فتتبعوا بنات آوى في بلد حلب فصادوها حتى أفنوها من بلد حلب .
قلت وهي إلى الآن لا يوجد في بلد حلب منها شيء إلا في النادر دون غيرها من البلاد