@ 1935 @ وهو حي إلا أن يده قد ذهبت ونصف ساعده فلما علموا أن رئيسهم قد مضى وقع الصراخ والبكاء وانطفأ الحرب وكف الناس وعملوا المواتيم وأتيت طرادا فقلت له ما هذه الحروب فأخذ يحدثني وقال لي لولا أن الله من علينا برجل لا أعلم من هو غير أني رأيت دابته حنفاء وكانت فرسي حنفاء غير أنه لم يكن مثلها في السباق والركض فقلت له إن رأيت الفرس حاسرا تعرفه قال نعم فحدرت لثامي فقال الله أكبر الأعسر ورب الكعبة مرحبا وقام فقبل رأسي ورأس بني عمي وكان صحبني من الحلة خمس من بني عمي كانوا معي في الحرب وبقي خفاف تلك الليلة الى الصباح ينزف دمه ولم تأت الظهيرة حتى قضى نحبه ووقع في الحي البكاء والنحيب وفرغوا من أمره وأخذ أهبته ودفن وكثر البكاء والنحيب في بني قشير وأقمت عند طراد ثلاثا ثم ودعته في اليوم الرابع وقلت المضي قال والله لا أقمت عندي إلا عشرا لأكرمك وأقضى بعض واجب حقك فسأله بنو عمي الانصراف فأذن لهم بعد شدة فأقمت أنا عنده يومين بعد ذلك وكنت لا أصبر عن الشراب إنما هو قوام حياتي فقلت لطراد اني أريد الشراب قال وكرامة وأنقذ فأتاني من بعض الحانات بشراب فسمطت طعاما وشرابا على فرسي وخرجت ومعي عشرة من شباب بني أسد نتنزه ونشرب وأمعنا في السير الى أن وقعنا على موضع خضر نضر فيه شجر قد عرش وزهر قد انفرش وماء جار وموضع طيب فشربنا على الغدير إلى قرب العصر ثم فني شرابنا فككرنا راجعين فقال لي بنو عمي ترغب في السباق إلى الحي قلت نعم وطمعوا في لأنهم رأوا دابتي حنفاء فأطلقنا أعنة خيولنا ومررنا سباقا الى الحلة فسبقتهم أنا بأجمعهم بنحو الميل ووقفت على كثيب أحمر على ظهر الحلة على نشز منها أنتظر أصحابي فأنا واقف إذ سمعت بكاء وشجى وحنينا وعويلا فالتفت فأنا بجارية جالسة على قبر مبيض جديد وهي تبكي بكاء شجي حرق وتندبه وهي تقول