@ 1784 @ .
( وأتاها البلى فمر عليها % فأبت أن تسيغ رد الجواب ) .
( أكل الدود من وجوه حسان % لم تزل في غضارة وشباب ) .
( بدد الموت شملهم فتنادوا % بنزال إلى بيوت خراب ) .
( فله الحمد إذ قضاه علينا % منزل القطر من متون السحاب ) .
فلما بلغ أبو العتاهية إلى قوله .
( أكل الدود من وجوه حسان % ) .
بكى هرون الرشيد وقال له لما فرغ منها قل في هذا المعنى .
قال وكنا رؤساء المكثرين ثلاثة فأمر لنا بعشرة آلاف درهم فلم نزل نكثر بهذه الأبيات حول قبته طول ليلته .
وذكر أبو عبد الله المرزباني فيما قرأته في كتاب المستنير قال حدثنا أبو عبد الله الحكمي ومحمد بن يحيى قالا حدثنا محمد بن موسى البربري قال حدثني محمد بن صالح العدوي قال أخبرني أبو العتاهية قال كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها وكان يتأذى بفساد كلامهم وكثرة لحنهم واستحالة معاني ألفاظهم فقال يوما لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه قولوا لمن معنا يعمل شعرا لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم فقيل له ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية وكان الرشيد قد حبسني وقال لا أطلقك أو تقول شعرا في الغزل وتعاود ما كنت عليه فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعرا للملاحين ولم يأمر بأطلاقي فغاظني ذلك وقلت والله لأقولن شعرا يحزن به ولا يسره فعملت شعرا ودفعته الى من حفظه الملاحين فلما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون .
( خانك الطرف الطموح % أيها القلب الجموح ) .
( لدواعي الخير والشر % دنو ونزوح )