@ 382 @ الإسحاقي ولزم التخلق بالخير من التلاوة والقراءة في الجوف رياسة وغيرها وحضور مجالس العلم مع التواضع ولين الجانب بل كان يقرأ في شرح القدوري على الفخر عثمان الطرابلسي ويجتمع عنده علماء الحنفية وغيرهم ولما كنت بالمدينة أخذ عني شيئا من الكتب الستة وغيرها كشرح معاني الآثار للطحاوي وحصل القول البديع والرمي بالنشاب وغيرهما من تأليفي وكتبت له إجازة حافلة أودعتها التاريخ الكبير وصار يحج منها كل سنة حتى مات بها في عصر يوم الأحد سادس عشر ذي الحجة سنة تسعين وثمانمائة ونعم الرجل رحمه الله وإيانا .
3466 قايتباي الجركسي المحمودي الأشرفي ثم الظاهري ملك الديار المصرية ممن كان له عناية بالحرمين الشريفين ومشاعرهما سيما المدينة النبوية فإنه أنشأ بها مدرسة بهية عند باب السلام وما حمدت شبابيبها المطلبة على المسجد ولكن العمدة على المفتين وقررتها صوفية وأقرأه بخاري وغير ذلك وفيها رباط وحلاوي للفقراء وخزانة كتب وسبيل ومكتب للأيتام وغير ذلك بل بنى في سنة ست وسبعين بمشارفة الشمس بن الزبير ما احتاج إليه سقوف المسجد وما اقتضاه رأيهم من الأساطين والمنارة السنجارية وغير ذلك مما اتفق فيها وفي سنة إحدى وثمانين ثم احترق ذلك كله في جملة حريق المسجد فأعيد وجدد منبره ومحرابه والحجرة والمحراب العثماني والمنارة الرئيسية عودا على بدء وجدد حماما وطاحونا وفرنا وربعا ووكالة ومطبخا للدشيشة وأشياءا بل رتب بها لأهل السنة من أهلها والواردين عليها من كبير وصغير وغني وفقير ورضيع وفطيم وخادم وخديم ما يكفيه من البر والدشيشة والخبر ما شكر بسببه وحبس على ذلك أماكن وجهات يتحصل منها من الحب نحو سبعة آلاف أردب وخمسمائة تحمل كل سنة إلا ما يقع التقصير فيه من المباشر له وكان مصروف العمارة بالمسجد والمدرسة وتوابعهما نقدا وأتمار آلاف وبهائم وغير ذلك مائة وعشرون ألف دينار فأزيد فيما قيل وسد الطابق الذي كان بين الحجرة الشريفة والجدار القبلي وينشأ عنه مفاسد شاهدت بعضها أول حجاتي ورتب لمن كان يتولى فتحه في الموسم ونحوها على الذخيرة خمسة عشر دينارا حتى تشكى وكذا أبطل كثيرا من المكوس التي كانت لأمراء المدينة ونحوهم وعوضهم عنها بل حج في طائفة قليلة سنة اربع وثمانين تأسيا لمن قبله من الملوك كالظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون وتكرر لثانيهما وذلك سنة عشر ثم سنة عشرين ثم سنة اثنتين وثلاثين كلها من القرن الثامن وبدأ بالزيارة النبوية وكان قدومه لها فجر يوم الجمعة ثاني عشرين ذي القعدة منها على هيئة الهيبة والخضوع بحيث ترجل عند باب سورها عن فرسه ومشى على قدميه وامتنع من دخول الحجرة الشريفة تأدبا ثم صلى الصبح