.
وقيل لرجل يعدوا وراء خصم وقد أجهد نفسه إن رفقت لحقت فقال هذا لا يتصور إن قصرت سبقت فوقفه التعب ونجا خصمه من الطلب وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كان الرفق في شيء قط الا زانه ولا كان الخرق في شيء قط الا شانه ولعمر الله ان الفرص اذا لاحت لايحمد الرفق فيها وإنما تحمد إلى أن تلوح مضاربها وتحمد مطالبها والله تعالى يقدر المولى على نيل أغراضه ويسدد سهمه لمطابقة أغراضه $ فصل له من كتاب آخر في وصف منزلة من منازل السلطان وذكر الأشواق .
أصدر هذه الخدمة من المخيم العادلي بطاهر بلبيس قبالة البئر وهي منزلة المولى ومجر مضاربه ومجرى كتائبه ومركز رماحه ومطلع صفاحه ومعترض حوافر سيوله ومرتكض حوافر خيوله ولما نزل بها نزل به من آثار الشوق ما قيد ناظره بأطراقه وانفق ذخر دمعه على يد آماقه وتذكر أيام الخدمة لا فقدت وسعادات أوقاتها التي سعد بها وسعدت وامتثل ما رسمه أبو الطيب في قوله % نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة % % لمن بان عنها أن نلم بها ركبا % .
وصلى بالسجود إلى آثار خيوله فإنها محاريب الأذكياء وتوجه إلى كعبة خيامه فإنها مناسك الولاء ثم تأمل النعمة باستمرار سلطان المولى بعيدا وقريبا وبامتثال أوامره مباشرا ومستنيبا فإذا هي نعمة تظهر في الغيبة أكثر من ظهورها في الحضور وتذكر بما في ذلك من آيات لا يعرفها الا كل عارف ولا يشكرها الا كل شكور $ فصل له من كتاب السلطان في معنى الأثير بن بنان .
كان طالع بسبب القاضي الأثير بن ذي الرئاستين وأنه الآن قد عطل من خدمة واستقر في جانب عزلة وأنه لا غنى لخدمة المولى عنه ولا له عنها أما حاجتنا إليه فلفرط استقلاله وأما حاجته إلينا فلفرط اقلاله ولا مجال للحرمان من أنعام المولى وآماله ولو أن انعامه مستقل بنفسه لكان مستريضا بضراعه مملوك وسؤاله لكن وارد النيل لا يحتاج الى شطن وتاجر الأمل في كرمه ينال الغنى بلا ثمن وعلم المولى محيط بما له في هذه الدولة الشريفة من السابقة الحسنى واللاحقة المثلى والجهاد مع أوليائها