والمنحة المضاعفة جنة الفخر والمكتوب الذي باح مكتوبة بسر الخلوص وفاح مكنونه بنشر الخصوص وعذبت مناهله من منابع الصفاء ورحبت منازله من مناهج الوفاء واشتمل على رائقات تغبطها الشمال والشمول وشائقات ينشطها الإقبال والقبول فيلقى وارد الكم الوافد بالنعم الصادر عن صدر الأمم الطاهر النسيم مالك السيف والقلم بالتقبل والتقبيل والتعظم والتبجيل والإجلال والإكرام والامتثال والالتثام ووافق مقدم المكاتبة الكريمة مقدمه إلى الشام فاتخذه فألا لا مراع مراد المراد وأدناه مرامي الرسالة والنبوة الوصلين بالكرامة المحبوبة المحبوة واستفتح مباكرة نصائحه المباركة واستدر أخلاف الألطاف المتداركة واستمر على عادته في استمراء التهاني واستقراء المعاني وإطراء معالي المجلس العالي وأطراف الأسماع والقلوب بالثناء الذي تنجلي به الأيام والليالي وما يشك في كل ما وقف عليه وعطف إليه من صدق عقيدة وعقد صداقة أكيدة ومودة وافرة المواد وافية الموات ومصافاة أحياء مواتها بموالاة حياء الموالاة فضميره الكريم المنور المقدس الشفاف الجوهر مطلع بفراسة نور الإيمان على ما عند عبده من الود المقرر والضمير المطهر والصفو الذي لا يتكدر والعهد الذي لا يتغير وكل ما يشمله من إنعام المواقف المقدسة لا زالت مضارب عزمها نافذة المضاء وذوائب عزها آخذة في الاعتلاء فهو من المجلس السامي أسماه الله وصادق اهتمامه وسابق إنعامه $ فصل في وصف الحال .
وقد أحاط العلم الكريم بما دهم الشام من تولي الخصب وتوالي القحط وخروج الأمر بسبب ذلك عن الضبط وقوة أطماع الفرنج في الأطراف وطروقها لظن الاستضعاف حتى أقامت على حارم مدة طويلة وما غادرت في مضايقتها ومحاصرتها مكيدة ولا حيلة فاقتضى الرأي تقديم المسير لسرعة النفير والإشفاق على الإسلام من الخطب الخطير وكانت الفرنج تستبعد من مصر النجدة وتكذب أن الله قد أعد للإسلام بعسكره النصر المعدة حتى أيقنت منه بصحة العزيمة فأخذت في أهبة الهزيمة وأظهرت الجنوح إلى السلم فهادنها الحلبيون قبل أن يحصلوا من قدومه بالعلم واتصل الخبر به بعد انفصاله عن الديار المصرية وأنها قد انفصلت وأنها من رجب إقدام العسكر الإسلامي بقدومه ترحلت عن حارم وأجفلت وما فارق البلاد المحروسة هناك حتى أحكم أسوارها وأوضح في مطالع الحوطة أنوارها وسد ثلمها وشفى سقمها وحمى أكنافها وحصن أطرافها وأجرى ماء الأمن في جداولها وأعشى عيون الأسواء عن سواحلها وفرق على نواحيها عساكرها وأصفى من الشوائب مواردها ومصادرها وجهز الأساطيل المنصورة في البحر الى مراكز الأعداء لتباشرها وتحاصرها وتأخذ