الأمن من وافر اليمن في وارف ظلاله ولا زالت الاماجد ناطقة الأفواه بمناقبة والمحامد دافقة الأمواه بمواهبه وسماء السماح هامية الجود همته وجناح النجاح محلقا على مطار المطالب في لحاق نعمته ما تألق الفلق وتأنق المفلق ونضرت الحدائق ونظرت الحدق .
المملوك يقبل ثرى التباعة ويتقيل ذرا الطاعة ويقابل مورد المثال الملتثم والتشريف المبجل المعظم بالاستكانة لقدره والاستنامة لفخره والتضاؤل لعزه والتظاهر بعجزه والتصاغر لعظمه والتفاخر بكرمه لا بل تطاول بطوله وحاول منال المنى لحوله ومد يد الأيد الى مدى آلائه وأجد قصد الجد في صدق ولائه وشرى في أسواق الشرف أو ساق الصنائع النصائع ودرى أن النافق من بضائع الفضائل في فضائه ليس بنافذ ولا بضائع ولما وصل إلى عتبة العتب وقف خاشعا خاسيا حائرا متلاشيا حيث حكم عليه بأنه صد بوجهه وقلبه وأعرض برسله وكتبه وأوجف بخيل القطيعة ورجلها وألقى ما فيه من المودة وتخلى عن حملها ومن يثبت لخطب هذا الخطاب أو يقطع عتاب هذا العقاب وأي قدر له حتى يردع أن عتابا بالعتاب ويودع الجوى بالجواب وكيف يصد بوجهه عن التوجه الى قبلة الإقبال وكيف يؤثر النوى للبعد عن ذلك النوال وكيف يعرض عن البحر الزاخر والروض الزاهر ويتعرض لجري الجداول وجنا الجنادل لقد وجد عدمه بل عدم وجده وفللت جده وكثر الدهر عناده عنده .
فأما ترك المكاتبة في الطريق مع طوارقها وعوقها في عوائقها فإنه لما ثبت جأشه ونبت رياشه وزال ارتعاشه وزاد انتعاشه واستقل استيحاشه واستقال انكماشه مكرها لا بطلا وماثلا في السير لا مثلا فبقيت عند روعه بقية روع شغلته عن الفكر في كل نوع إلى أن ألقى عصا السفر عن عاتق الخطر ووضع ثقل الغرر عن منكب الحذر وخلع كسوة الكسوة عن رقبة العقبة ووصل إلى المنزلة المقتربة المرتقبة فحينئذ أراق دم دمشق في ذلك المدى من المدامع وتذكر القاهرة الباهرة الزاهرة بداية حسنها وحسناها بالبدائع واستعار استعار الجحيم لقلبه الشيق إلى تلك الجنة وانهدت عليه أساس وساوس الجنة ولما ظفر بايناس باناس وناسه تأسف على ما فاته من نيل النيل وسيل مقياسه وتذكر جامع صلاته ومجامع صلاته ودائرة مركزه ودار تعززه