والتهبت عليهم السلاهب ومطرتهم ببوارق بوارهم القواضب ونابتهم النوائب وحزبتهم الحوازب وسلبتهم وقضبتهم السمر السلب والبيض القواضب وهم في كل يوم يقلون في العيون والمسلمون يكثرون والمؤمنون ينتعشون والمشركون يعثرون ثم سقطت مهابتهم في من النفوس وتبدل بشرهم بالعبوس وحصلوا في دائرة البوس فما صدقوا كيف يرحلون وقرفوا أنهم كانوا يجهلون فكسعت أدبارهم وكسحت آثارهم ونفرت أنفارهم وكثر قتلهم وإسارهم وسلب قرارهم وعميت من رماة الحدق لبصائرهم أبصارهم وسالت سيولهم في الهزيمة وجرت أنهارهم وثقلت عليهم أوزارهم وغابوا وانقطعت أخبارهم ولم تعرف أسرارهم وانطفأ شرارهم ولزمهم عارهم واغرقهم بحارهم وبودنا دام دمارهم .
ثم اجتمعوا بعد حين ونزلوا على حارم ونصبوا عليها المجانيق والسلالم وقالوا رجالها على صاحب حلب عاصية وهي من نجدة المسلمين قاصية وصاحبهم قد قتل وهم موتورون وللطلب بثأره مؤثرون وكالوهم بصاع المصاع وطافوا عليهم بعقار القراع وحاصروها أربعة أشهر وجندهم من هلاك صاحبهم وإدراك مناصبهم في تحير وتضور وأهل حلب لا يمدونهم ولا يصدون عنهم الفرنج ولا يردونهم وقتل وجرح أكثر من في الحصن وغلب وهن الوهن .
ثم تسامح الحلبيون بعزم رحيلنا من مصر لقصد الشام لنصرة الإسلام وقالوا أول ما يصل صلاح الدين يتسلم حارم ويلزمنا لمضايقتنا بها المغارم فراسلوا الفرنج وقاربوهم وارغبوهم وأرهبوهم وقالوا لهم صلاح الدين واصل وما لكم بعد حصوله عندكم من عناده حاصل ويجب أن ينظر في العواقب من هو عاقل وقد عرفتم قوة هذا الثغر وأنه لا يؤخذ بالحصر ولو طال عليه عمر الصبر فملك قلوب الفريقين الفرق واضطرمت للرعب بها الحرق فتنازلوا عن النزال بما قرروه من قطيعة المال وعدة من الأسارى فرسان القتال ورحل الفرنج وضل بهم النهج وما انفصلوا عن حارم الا بعد انفصالنا عن مصر وأنهم ملكوا العذر فأجفلوا ولم يحصلوا