مذاهب والجداول قد صقلت من الجليد سيوف سيولها والثلوج فصلت للآكام أكمام ملابسها المروية فجرت على الوهاد فضول ذيولها والسماء قد غارت على غزالتها فسدلت سجف المزن دونها وصانتها في خدر الخفر فلم تبدل مصونها والليالي جادت على رائب التراب بعقود اللآلي بل بامثال شهبها والافاق عقدت بالاقطار اوتاد القطار خوفا من تسحب سحبها والبدر يحجب بالغيم فكأنما استسر بالسرار وعارض العارض اشتعل شيبا فترامى بالشرار وفاضت الديم ودام فيضها وتروضت الربى وأربى روضها وأحست ظهور الارض بالبرد فلبست الحواصل وواصلها لحبى بالحيآ فلم تمل الواصل وما أصحت السماء إلى أن أصحت شهود العيد فسفرت بطوق هلالها حالية الجيد وانقضى الشهر عن تسع وعشرين ولم يبلغ الى اتمام وعد الثلاثين فكملت نعمتا الدجن والصحو وزالت شبهتا الجدب والشك بالمحو و أعرب الزمان للأمة عن بلاغة كل صبغ حسن مبالغا بالغاء اللغة و النحو فالتصريف مصروف والعرف معروف ولمجاني النعم قطوف وفي مسامع الرياض من الزهر شنوف وعلى أعناق الافاق من الجليد سيوف ودون حاجب الشمس من السحب سجوف والآن ألان الله الشدائد وأنال المقاصد وأحلى المراشف وأحل المراشد وقوى العزائم وروى الصرائم ويسر مناهج الفتوح وأظهر مباهج النصر الممنوح والعوائق زائلة والمرافق حاصلة والمنافع شاملة والصنائع كاملة والعساكر مجمعة على الإجماع ونداء الاستعداد للاستدعاء ظافر بتلبية الاستماع علما بأن العام عام الخيرات تام البركات وأن السنة مخصبة وأن أمور الغزاة مرتبة وان الأسود الربض في عرين الاسلام على ذؤبان الكفر متوثبة والفتح بمشيئة الله قريب والنصر لدعاء المؤمنين مجيب .
ومن ذلك في المعنى بإنشائي صدر مكاتبه إلى تقي الدين واستدعاء العساكر للجهاد قد تقدمت المكاتبة إلى مجلس الملك المظفر لا زالت ايامه بالملك والظفر منعوتة وصلاة صلاته بالحمد والإخلاص موقوتة وولاة ولائه موموقة وعداة آلائه ممقوتة ومنايا مناوئية مكبوبة وشناة شأنه مكبوتة وعرفناه ما شمل من نعم الله وفاض واستنار من لألاء آلائه واستفاض وان الله عجل غياثه بغيوث رحمته وبعوث نعمته حتى سالت أوديتها وسفكت دماء المحول بسيوف البوارق فلا يقال قودها أو ديتها