بحمد الله جزيل والصنع جميل فقال اكتب عليها بالإمضاء ولا تكدر على ذوي الآمال موارد العطاء فقلت أما أتلو عليك بقية الأسماء فقال لا بل نزهنى عن هذه الأشياء فبقيت تلك الرسوم دارة والآمال بها سارة بل تضاعفت على السنين أضعافا واستضافت آلافها آلافا $ ذكر إبقاء القضاء بدمشق وأعمالها على شرف الدين بن أبي عصرون وترتيب ولده محيي الدين أبي حامد لتنفيذ الأحكام بين يديه .
قد سبق ذكر الشيخ الإمام شرف الدين ابي سعد عبد الله بن أبي عصرون وتفويض القضاء إليه بدمشق وأعمالها والنظر في جميع أمورها وأشغالها فلما عدنا هذه النوبة من دمشق تكلموا بذهاب نور بصره وأن القضاء منصب خطير يجب أن يصان من خطره وأكثروا فيه القول والسلطان يغتم ويكثر قول لا حول وكتب إلى الأجل الفاضل كتبا يستشيره فيها ويقول له كيف نعمل وهذه ولاية القضاء العمى ينافيها $ فكتب في جوابه .
مثل الشيخ شرف الدين لا يوجد بالجملة فإنه شيخ المذاهب ولسانه المذرب وحاكمه المدرب وإذا كان المولى قد كشف فلم يجد الحكم جرت فيه هفوة ولا أخذت من خصم على خصم رشوة ولا ظهرت لولديه ولا لأحدهما نبوة وكان الذي يستقضيه ممن يقع عليه الإختيار لا يزيد عن ولده في رتبة العلم ولم تبق حجة في أن يؤلم خاطر الشيخ والمملوك لا يشير بإيلامه ولا أن يكسرقلبه على ما بقي من عدد أيامه ولا بأن يعان على حقه والمولى أولى من أحسن ضيافته مدة مقامه ويجوز أن يجرب الولد بالاستنابة فإن ظهر ما يوجب الصرف كان المولى عند عذره وكان الشيخ قد قضي حقه بتجريب الولد واختبار أمره وكانت الأقدار قد أبت الا نقل هذا المنصب إلى مستحقه وأن كان الولد يحسن تصرفه ولا يبين في هذا المنصب تخلفه كان المولى قد أبقى صنيعته عند بيته وحفظ قديم ما بينه وبينه وسالف تعصب الشيخ للموليين أبيه وعمه رحمهما الله وتشفع شفيعي العلم والسن ولا يشمت به الأعداء ولا ينتقل إلى الآخرة وهو يحمل الداء ويكون الولد قد ناب عن بصر الوالد لا غير فكأنه حاجب له وبقية الواردات لسان الشيخ فيها خائض وفكره فيها مستفتى ورأيه مسترشد ونور قلبه باق وهذا أمر من العلم وجانب من الفهم لا يستطيع أحد صرفه عنه ان صرفه عن الحكم وأما استخدام زيد وعمرو وقبول عصبية فلان لفلان فما سمى المولى أحدا يستأهل أن يكون في مكانه ولا يكمل لغير كونه عوضا عن أولاده ثم إن هذا الشيخ لا يصح عليه أن يقدم على الله ويقدم على الحكم مع فوات شرطه وهو أعلم من كل من