@ 131 @ رؤية بلدته ويسكب العبرات عند ذكرها ولم ييأس من روح الله في العود إليها وله في ذلك شعر على طريقة الفقهاء ولما خرج من مراكش قاصدا بلده شيعه أعيان طلبتها فأخذ بعضهم بيده عند الوداع وقرأ قوله تعالى ! < إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد > ! على ما جرت به العادة من قراءتها عند وداع المسافر فيرجع سالما فانتزع الشيخ أبو العباس يده بسرعة وقال لا ردني الله إلى هذا المعاد ولا رجعني إلى هذه البلاد ثم لحق بتنبكتو فاستقر بها إلى أن مات سنة ست وثلاثين وألف رحمه الله $ تتمة $ قد تبين لك بما قصصناه عليك من أخبار السودان ما كان عليه أهل تلك البلاد من الأخذ بدين الإسلام من لدن قديم وأنهم من أحسن الأمم إسلاما وأقومهم دينا وأكثرهم للعلم وأهله تحصيلا ومحبة وهذا الأمر شائع في جل ممالكهم الموالية للمغرب كما علمت وبهذا يظهر لك شناعة ما عمت به البلوى ببلاد المغرب من لدن قديم من استرقاق أهل السودان مطلقا وجلب القطائع الكثيرة منهم في كل سنة وبيعهم في أسواق المغرب حاضرة وبادية يسمسرون بها كما تسمسر الدواب بل أفحش قد تمالأ الناس على ذلك وتوالت عليه أجيالهم حتى صار كثير من العامة يفهمون أن موجب الاسترقاق شرعا هو اسوداد اللون وكونه مجلوبا من تلك الناحية وهذا لعمر الله من أفحش المناكر وأعظمها في الدين إذ أهل السودان قوم مسلمون فلهم ما لنا وعليهم ما علينا ولو فرضنا أن فيهم من هو مشرك أو متدين بدين آخر غير الإسلام فالغالب عليهم اليوم وقبل اليوم بكثير إنما هو الإسلام والحكم للغالب ولو فرضنا أن لا غالب وإنما الكفر والإسلام هنالك متساويان فمن لنا بأن المجلوب منهم هو من صنف الكفار لا المسلمين والأصل في نوع الإنسان هو الحرية والخلو عن موجب الاسترقاق ومدعي خلاف الحرية مدع لخلاف الأصل ولا ثقة بخبر الجالبين لهم والبائعين لهم لما تقرر وعلم في الباعة مطلقا من الكذب عند بيع سلعهم وإطرائها بما ليس فيها وفي باعة