@ 104 @ $ وصول هدية صاحب برنو إلى المنصور بحضرة فاس وما نشأ عن ذلك من بيعته له والتزام طاعته $ .
كان المنصور رحمه الله مسعودا محظوظا كما أشرنا إليه سابقا وكان من سعادته ما هيأ الله له من مهاداة صاحب مملكة برنو ومخاطبته له حتى كان ذلك سببا في مبايعته له والدخول في طاعته وكان من خبر ذلك ما حكاه في مناهل الصفا قال وفي سنة تسعين وتسعمائة ورد على المنصور الخبر وهو بمدينة فاس بقدوم رسول صاحب مملكة برنو من ملوك السودان وجلب في هديته ما جرت عادتهم أن يجلبوه من فتيان العبيد والإماء وكساء السودان وطرفه وكان من ذلك عدد كثير يناهز المئين فوافى المنصور بعسكره على رأس الماء من ساحة فاس وكان يوم ملاقاته يوما مشهودا حسنا وأبهة وجلالة جلس نصره الله تعالى بالقبتين التوأمين المضروبتين أمام السياج المحيط بقبابه وهو آفراك واستوقف الموالي والمماليك سماطين من التوأمين إلى القبة العربية ثم منها إلى فسطاط الجلوس المعلوم بالديوان ثم منه إلى باب المعسكر القبلي وأتى بالرسول يخترق السماطين حتى نزل بالديوان وكان الملأ من أكابر الدولة وصدور المملكة جلوسا وكرسي المملكة وسرير الخلافة منصوبا به والمهابة قد أخرست الألسن وأخشعت القلوب والأبصار فجلس الرسول هنالك مليا ثم توجه به على سبيل الترقي إلى القبة العربية فجلس بها ثم جاء الإذن الكريم بإيصاله إلى مقر أمير المؤمنين بالتوأمتين فوقف بين يديه وتشرف بالنظر إلى طلعته السعيدة فأدى الرسالة وقضى فرض التهنئة وسنة الهدية وأعرب عن مقاصد مرسله واعترف للمملكة العظيمة بحقها وأظهر من الخضوع والتملق والاستكانة والخدمة والطواعية ما أوصاه به مرسله ثم توجه به إلى معسكر ولي العهد وتاج الإسلام وكافل الأمة بعد والده المولى الأمير أبي عبد الله محمد الشيخ المأمون بالله وكان لصق معسكر أمير المؤمنين برأس الماء فأشرف الرسول على دنيا أخرى وأبهة مدهشة ومحلة هائلة فوقف موقف الحيرة واستدرج إلى أن وصل لقباب ولي العهد ومضاربه وكان قد قعد له