@ 96 @ النجليز فارتحل إلى فاس من حينه وشحن الثغور وملأ المراسي وكان على أهبة وكمال استعداد وبعث أرساله إلى السلطان المذكور بهدية عظيمة تلافيا لما فرط واعتذارا عما سلف وكان من جملة أرساله القائد الأنجد أبو العباس أحمد بن ودة العمراني والكاتب الشهير أبو العباس أحمد بن يحيى الهوزالي فركبوا البحر من مرسى تطاوين قاصدين القسطنطينية العظمى وبينما هم في أثناء الطريق على ثبج البحر لقيهم الوزير علوج في أسطوله قاصدا ديار المغرب عازما على منازلة المنصور به فلما رآهم سقط في يده وأيقن بخيبة مسعاه فرام صدهما عما قصدا إليه وأيأسهما من تدارك الأمر وقال لهما إن الخرق قد اتسع على الراقع ولو كان لصاحبكم غرض في المسألة ما بقي أصحابنا بأبوابه كالكلاب والبادي أظلم فلم يزل الوزير علوج بالقائد ابن ودة إلى أن صرفه عن رأيه ورده معه وترك الهوزالي يبلغ الرسالة والهدية ظنا منه أن صغير السن لا يحسن مخاطبة الملوك العظام وابن ودة الذي كان عنده مظنة لكمال التدبير ومثافنة الملوك رده معه فلما انتهى الهوزالي إلى السلطان مراد ودخل عليه أظهر من نبله ولطف مخاطبته ما خلب به قلب السلطان المذكور واستل السخيمة من صدره واعتذر له عن تأخر المنصور عن الجواب بما لا يعود بوهن على مخدومه ولا يفيد غلبة خصمه فقبل السلطان مراد الاعتذار وتقبل الهدية بقبول حسن وكتب مع الهوزالي إلى الوزير علوج بالرجوع عن منازلة المنصور فرجع بها الهوزالي يطير سرورا ولم يغب عن علوج إلا نحو الشهر حتى قدم عليه بأمر الملك فقرع لها علوج سن الندم وأسف على تفريطه في الهوزالي وتركه وبعث السلطان مراد رسله مع الهوزالي إلى المنصور يلومه على التراخي في أمور الملوك فلما قدموا عليه أكرم وفادتهم وأحسن نزلهم وردهم مكرمين إلى مرسلهم وبعث معهم الفقيه الإمام قاضي الجماعة بحضرة مراكش أبا القاسم ابن علي الشاطبي والقائد الأنجد أبا زيد عبد الرحمن بن منصور الشيظمي المريدي فلما وردوا على خاقان الترك فرح بهم كل الفرح ورتب الشاطبي كلاما بليغا أعرب فيه عن فضل الدولتين وقرر فيه حق أهل البيت وأطرى