@ 94 @ وغيرهم من أشياخ القبائل بوجوه الناس من أهل الحواضر والبوادي وأوصى بالعهد لولده المذكور أبي عبد الله محمد المأمون وذلك يوم الاثنين منسلخ شعبان سنة سبع وثمانين وتسعمائة .
وكان المأمون إذ ذاك خليفة أبيه على فاس فلم يحضر هذه البيعة فبعث إليه المنصور بعد ذلك ليقدم من فاس ويبايع بحضرته ولم يقنعه ما كان عقد له من البيعة وهو غائب ولما بعث إليه خرج المنصور بعسكره إلى تانسيفت خارج مراكش ثاني عشر صفر سنة تسع وثمانين وتسعمائة ولم يزل بعسكره هناك متلوما ومنتظرا لقدوم المأمون إلى أن قدم غرة جمادى الثانية من السنة المذكورة فكانت ملاقاتهما من عجائب الزمان ولما اصطف جيش المنصور وجيش المأمون ترجل المأمون عن فرسه وتقدم حافي القدم فعفر وجهه بين يدي والده ثم قبل رجله والمنصور على فرسه واقفا بين الصفين فدعا له بخير وأظهر الفرح بمقدمه وكان المأمون قد عبأ جيشه تعبية لم ير مثلها ورتبهم ترتيبا حسنا في لباسهم وسائر أمورهم فسر المنصور بذلك وبعد أيام من بلوغه أمر به فأجلس في سرادقه الأعظم الذي لم يكن للملوك قبله مثله كما سيأتي وأمر أهل الحل والعقد فازدحموا على تقبيل يده واقتضيت منهم الأيمان بحضرته وقام الشعراء فأفصحوا عن وصف الحال وغمر المنصور الناس بالنوال وكان ذلك اليوم يوما مشهودا وبعد أيام منه أمر المنصور المأمون أن يرجع إلى حضرة فاس فرجع ودخل المنصور حضرته وتم غرضه الذي قصده $ ثورة داود بن عبد المؤمن بن محمد الشيخ والسبب في ذلك $ .
قال الفشتالي لما وقعت البيعة للمأمون وتكامل أمرها ثار الرئيس الأجل أبو سليمان داود بن عبد المؤمن ابن السلطان محمد الشيخ وهو ابن أخي المنصور وفر إلى جبل سكسيوة وشق العصا ودعا إلى نفسه فانثالت عليه أوشاب من البربر وغيرهم ونجم أمره وأثرت في إذن الرعية جعجعته فبعث إليه المنصور قائده الزعيم أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن بجة فناوشه