@ 40 @ وما كان ليفتح على مسلم بابا عظيما من أبواب الفتنة وسببا بليغا من أسباب المحنة لأن هذه الحرفة من أعظم أبواب الفتن وقد أجمع أرباب البصائر على التحذير من تعاطيها لوجوه ثلاثة أولها إنها من المستحيلات كما ذكره ابن سيناء مستدلا عليه بقوله تعالى ! < لا تبديل لخلق الله > ! وكما أنه ليس في قدرة المخلوق أن يحول القرد إنسانا والذئب غزالا كذلك ليس في قدرته أن يصير الرصاص فضة والنحاس ذهبا يعني لأن ذلك من باب قلب الحقائق وهو محال ولقد تناظر رجلان فيها فقال مجوزها أتنكر ما تشاهده في الصبغ وتصيير الجسد الأحمر أصفر والأبيض أسود فقال مانعها لا أنكر ذلك لأن الصبغ ليست تغيير أصل وإنما أنكر أن ثوب الصوف الأبيض ترده صناعة الصبغ قطنا أو حريرا أحمر أو أخضر وأما الصبغ فلا شك أن النحاس يصير أبيض ولا يخرجه ذلك عن أصله ولا يسلب عنه اسم النحاس بل يقال فيه نحاس أبيض كما لا يسلب صبغ الصوف عنه اسم الصوف ثانيها سلمنا أنها جائزة الوجود لكنها معدومة في الخارج كما ذهب إليه أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله إذ قال ثلاث متفق على وجودها في الغالب وقد اتفق على عدم رؤيتها أهل المشارق والمغارب الكيمياء والعنقاء والغول وأخبارها كلها على وجه السماع والإسنادات وحكايتها كالموضوعات عن العجماوات والجمادات ثالثها سلمنا أنها موجودة في الخارج لكنه يحرم تناولها والبيع والشراء بها .
وقد سئل عنها الشيخ أبو إسحاق التونسي رحمه الله فقيل له أحلال هي إذا كانت خالصة فقال لو دبر النحاس أو غيره من الأجساد حتى صار ذهبا خالصا لا شك فيه فمتى لم يقل بائعه لمبتاعه هذا كان نحاسا أو جسدا من الأجساد فدبرته حتى صار ذهبا كما ترى لكان غاشا مدلسا قال ومتى ذكره لم يشتر أحد منه ذلك بفلس ويقول فكما دبرته حتى صار ذهبا فكذلك يدبره غيرك حتى يرجع إلى أصله فمن لم يبين فيها فهو داخل