@ 38 @ $ الخبر عن دولة السلطان أبي محمد عبد الله الغالب بالله ابن السلطان محمد الشيخ رحمه الله $ .
كانت ولادة السلطان أبي محمد عبد الله الغالب بالله كما رأيته مرقوما على الرخامة التي على قبره في رمضان سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة وكان رحمه الله أدعج العينين مستدير الوجه عريضه أسيل الخدين مشرف الوجنتين ربعة للقصر ونشأ في عفاف وصيانة وحفظ القرآن وأخذ بطرف صالح من العلم وكان ولي عهد أبيه وكان يلقب من الألقاب السلطانية بالغالب بالله لقبه به غير واحد من الأئمة ولما وافته الأنباء بمقتل أبيه وهو بفاس بايعه أهلها ولم يتخلف عن بيعته منهم أحد .
وذكر صاحب زهرة الشماريخ أن الفقيه الميقاتي المعدل بمنار القرويين أبا عبد الله المزوار وكان بصيرا بعلم الأحكام والحدثان بينما هو ذات ليلة يرقب الطالع والغارب وقد ابهار الليل واسود ديجوره رأى طالع السلطان الشيخ قد سقط وكانت بينه وبين ابنه أبي محمد عبد الله وصلة فأسرع في الذهاب إليه ليخبره بما رأى فلما بلغ باب فاس الجديد وجده مغلقا فاستأذن الموكلين به في فتحه فأبوا فقال لهم إني جئت إلى الخليفة يعني خليفة السلطان في أمر مهم عنده وإن لم تعلموه بمكاني الساعة لحقكم منه غدا ما تكرهون فأنذروا الخليفة المذكور به فحمل إليه وسأله عن قضيته فأخبره بما رأى ونعى إليه أباه فلم يكذب في ذلك وتهيأ واستعد فلم تمض إلا أيام قلائل حتى وافته الأنباء بمقتل أبيه في تلك الساعة التي قال له المعدل المذكور فصادفه الحال على أهبة واستعداد ولما بلغ أهل مراكش مبايعة أهل فاس له وافقوا عليها فاستوسق له الأمر وتمهد له ملك أبيه وكان ذلك كله في المحرم سنة خمس وستين وتسعمائة