@ 65 @ $ بقية أخبار أمير مراكش عبد الرحمن بن أبي يفلوسن رحمه الله $ .
قد تقدم لنا ما كان من معاقدة السلطان أبي العباس والأمير عبد الرحمن ابن أبي يفلوسن على ولاية سجلماسة أولا ثم التعويض عنها بمراكش ثانيا فلما فتح السلطان أبو العباس فاسا وفى للأمير عبد الرحمن بعقده فسار إلى مراكش واستولى عليها وعلى أعمالها واقتسمت مملكة المغرب الأقصى يومئذ بنصفين .
وكان الحد بين الدولتين ثغر آزمور فكانت في إيالة صاحب فاس وما وراءها إلى مراكش في إيالة صاحب مراكش ثم كانت بينهما بعد ذلك مواصلات ومناقضات ومسالمات ومحاربات يطول جلبها واتصل ذلك إلى منتصف سنة أربع وثمانين وسبعمائة فظفر السلطان أبو العباس بعبد الرحمن بعد محاصرته بقصبة مراكش تسعة أشهر ولما أشرف السلطان أبو العباس على فتحها وانفض الناس من حول الأمير عبد الرحمن ونزلوا من الأسوار ناجين إلى السلطان وبقي هو في قصبته منفردا بات ليلته يراود ولديه على الاستماتة وهما سليم وأبو عامر وركب السلطان أبو العباس من الغد في التعبية إلى القصبة فاقتحمها بمقدمته ولقيه الأمير عبد الرحمن وولداه مسابقين إلى الميدان ومباشرين القتال بين أبواب دورهم فجالوا معهم جولة قتل فيها الولدان قتلهم علي بن إدريس وزيان بن عمر الوطاسي .
قال ابن خلدون وطالما كان زيان يمتري ثدي نعمتهم ويجر ذيله خيلاء في جاههم فذهب مثلا في كفران النعمة وسوء الجزاء والله لا يظلم مثقال ذرة وكان ذلك خاتم جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين المذكورة لمضي عشر سنين من إمارة عبد الرحمن على مراكش ثم رحل السلطان أبو العباس منقلبا إلى فاس وقد استولى على سائر أعمال المغرب وظفر بعدوه ودفع النازعين عن ملكه والله غالب على أمره