@ 55 @ بينه وبين ابن أخيه فارس بن عبد العزيز بن محمد فبعث إلى السلطان وسهل له الطريق لاقتحام الجبل فزحفت العساكر والجنود وشارفت المعتصم ولما استيقن عامر أن قد أحيط به بعث إلى ابنه أبي بكر أن يلحق بالسلطان مختارا له ومشيرا عليه بالتي هي أحسن وأسلم فألقى الولد بنفسه إلى السلطان فقبله وبذل له الأمان وألحقه بجملته وانتبذ عامر عن الناس وذهب لوجهه ليخلص إلى السوس فرده الثلج وقد كانت السماء أرسلت به منذ أيام حتى تراكم بالجبل بعضه على بعض وسد المسالك فاقتحمه عامر حتى هلك فيه بعض حرمه ونفق مركوبه وعاين الهلكة العاجلة فرجع أدراجه مختفيا حتى آوى إلى غار مع أدلاء كان قد استخلصهم وبذل لهم مالا على أن يسلكوا به ظهر الجبل إلى صحراء السوس فأقاموا ينتظرون إمساك الثلج وقد شدد السلطان عبد العزيز في التنقير عنه والبحث فعثر عليه بعض البربر بالغار المذكور فسيق إلى السلطان فأحضره بين يديه ووبخه فاعتذر واعترف بالذنب ورغب في الإقالة فحمل إلى مضرب بني له بإزاء فسطاط السلطان واعتقل هنالك وانطلقت الأيدي على معاقل عامر ودياره فانتهب من الأموال والسلاح والذخيرة والزرع والأقوات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت .
واستولى السلطان على الجبل ومعاقله في رمضان من سنة إحدى وسبعين وسبعمائة لحول من يوم حصاره وعقد على هنتاتة لابن أخي عامر وهو فارس بن عبد العزيز بن محمد بن علي الهنتاتي وارتحل إلى فاس فاحتل بها آخر رمضان المذكور ودخلها في يوم مشهود برز فيه الناس وحمل عامر وسلطانه تاشفين من بني عبد الحق كان نصبه للأمر مموها به على عادته فحملا معا على جملين وقد أفرغ عليهما لباس رث وعبثت بهما أيدي الإهانة فكان ذلك عبرة لمن رآه .
ولما قضى السلطان عبد العزيز نسك عيد الفطر أحضر عامرا فقرعه بذنوبه وأتى بكتاب بخطه يخاطب فيه أبا حمو بن يوسف الزياني ويستنجده على