@ 191 @ وألقى بنفسه على ابن الحميدي منهم مما يلي بلاد درعة فأجاره وقام بأمره ونازله عامل درعة يومئذ عبد الله بن مسلم الزردالي من مشيخة بني عبد الواد كان السلطان أبو الحسن رحمه الله قد اصطنعه أيام فتحه لتلمسان فاستقر في دولتهم واندرج في صنائعهم فأخذ بمخنق ابن الحميدي وأرهبه بوصول العساكر والوزراء إليه وداخله في التقبض على أبي الفضل وأن يبذل له من المال في ذلك ما أحب فأجاب ولاطف عبد الله بن مسلم الأمير أبا الفضل ووعده من نفسه الدخول في الأمر وطلب لقاءه فركب إليه أبو الفضل ولما استمكن منه ابن مسلم تقبض عليه ودفع لابن الحميدي ما اشترط له من المال وأشخصه معتقلا إلى أخيه السلطان أبي عنان سنة خمس وخمسين وسبعمائة فأودعه السجن وكتب بالفتح إلى القاصية ثم قتله لليال يسيرة من اعتقاله خنقا بمحبسه وانقضى أمر الخوارج وتمهدت الدولة إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله $ وفادة الوزير ابن الخطيب من قبل سلطانه الغني بالله على السلطان أبي عنان رحمهم الله $ .
كان السلطان أبو الحجاج يوسف بن الأحمر قد أوفد وزيره لسان الدين ابن الخطيب على السلطان أبي عنان إثر مهلك السلطان أبي الحسن معزيا له بمصابه فقدم ابن الخطيب وأدى الرسالة وجلى في اغراض تلك السفارة وعاد إلى غرناطة ثم هلك السلطان أبو الحجاج سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمصلى عيد الفطر وهو ساجد طعنه بعض الزعانف فأصماه لوقته وبايع الناس ابنه محمد بن يوسف الغني بالله وقام بأمر دولته مولاه رضوان الراسخ القدم في قيادة عساكرهم وكفالة الأصاغر من ملوكهم واستبد بالأمر وانفرد ابن الخطيب بوزارته كما كان لأبيه من قبل واتخذ لكتابته غيره وجعل ابن الخطيب رديفا لرضوان في أمره وتشاركا في الاستبداد